Life is elsewhere.
يروّعنى دومًا ما نشعر به إزاء الرفض و التجاهل..فلتنظر لهذا الآن، فقد مرت على الإنسان الحديث قرون وقرون ولا زالت كبرياؤنا سمينة ومتخمة، تجلس على عرش سماوى مزدان بكل الجواهر فى خزائن سليمان، تصرخ "أطعمنى المزيد المزيد المزيد" ولا تختم طلبها هذا بـ"من فضلك" كيفما تحتّم آداب فرسان المائدة المستديرة.
كنت نصف نائمةً-نصف أقرأ فى كتاب بينما يتحدث ذلك الرجل أمام السبورة عن أنظمة التحكم. أقرأ عن ياروميل الشاعر الذى أسمته أمه ياروميلًا تيمنًا بأبوللو إله الشعر والموسيقى فى الأساطير الإغريقية، فلفظة ياروميل هى أقرب شىء إلى كلمة أبوللو فى اللغة التشيكية..كانت غرفتها -الأم- تأوى تمثالًا رخاميًا لأبوللو، وقد كانت تتمنى لو أنه صار رجلًا من لحم ودم، وتمنت كذلك لو أنها حملت منه هو، لا من أبى ياروميل الذى كان يمقت التمثال مقتًا آثمًا.
أدلى الرجل أمام السبورة بدلوه، فتهيأت للمغادرة، وقبلها كتابة اسمى فيما يطلقون عليه "كشف الحضور" أو ما يعادله..
لم أستطع أن أرى الكشف فى أى مكان مرئى، سرت حتى باب المدرج باحثًة بعينىّ فلم أجده كذلك، وبالطبع -كأى شخص مصاب بمرض اجتماعى- لم أرغب فى أن أبدو كشخص تافه يبحث عن كشوف الغياب لتدوين اسمه منعدم الأهمية من أجل حفنة من الدرجات، فتظاهرت بأننى قد قطعت كل هذه المسافة لكى أتحدث مع ذلك الفتى الذى لا أستسيغه كثيرًا، والذى كان من المفترض أن يعيرنى اللاب-توب خاصته اليوم لانجاز بعض الأشياء، ولكن يتضح أنه لن يستطيع فعل ذلك اليوم، فقلت له أننى أحمل فى حقيبتى "فلاشة" غريبة الشكل حاولت مرارًا أن أوصلها بفتحة الusb خاصتى، لكن من الواضح أنها أصغر من مقاس الفتحة بكثير و.... نظرت إليه بينما أتحدث فوجدته ينظر فى كل مكان، يتبادل النظرات مع كل شىء ويبدو متعجلًا، ثم قاطعنى قائلًا: "آه ابقى جربى إذن وقولى لى ما توصلتى إليه"، فقلت شيئًا مثل: "آه حسن واتيفار"..وذكرنى وجهه حينئذ بوجهى حين يبدأ أبى فى الحديث عن ترهات الخرف خاصته، كيف أنه يملك صورةً من شهادة زواج سعاد حسنى فى شقتنا القديمة، فتدور عينىّ فى محجريهما وأقول شيئًا كـ"أوكيه بابا انا هاروح أذاكر دلوقتى باى"..وانتابتنى رغبة مضحكة فى البكاء..
ارتدت حافلة فى طريقى إلى المنزل، وراح سؤال عشوائى يتردد فى طرقات عقلى، رحت أتساءل عن سبب مقتى الشديد لكونى فتاة، فتذكرت أننى لطالما كنت أمقت كونى فتاة، فهذا ليس بالشىء الجديد..
منذ بلغت عامى الثانى عشر ووُصِمت بزيارة الدماء الشهرية، ومنذ صار الفارق بين الفتيان والفتيات جليًا، فارق أكبر بكثير من مجرد طول شعر الرأس، ومنذ توقف رفاق اللعب بالنادى عن لعب الكرة معى لأننى فتاة..ومنذ أول نوبة ألم صاحبت زيارة الدماء وجعلتنى أفقد الوعى، وأصابت عضلاتى بالشلل لساعات فجعلت شفتىّ تتهدّلان، ولسانى غير قادر على نطق كلمةٍ لا تبدو ككلمة من قاموس لغة سكان عطارد..
ومنذ ذلك الوقت وأنا أمقت كل ما يخصّ الفتيات، أمقت تلك الاستدارات المقيتة فى جسدى، وأحرص على مداراتها كلما واتتنى الفرصة..
ثم تذكرت حين كنت فى الثانية عشر، حين كنت أقف أمام خزينة سكاكين المطبخ، أتمنى لو واتتنى الشجاعة فتناولت واحدة واقتطعت بها نهدىّ اللذين كانا قد بدأا ينتؤان حينئذ، صوّر لى عقلى مرارًا مشاهد تكتنفها مقطوعةُ نَصرٍ ملحمية، مشاهد لى وأنا أتخلص من ذلك الجزء الصلب بداخل نهدىّ، والذى كان يؤلمنى كل حين كإشارة على أنه فى نمو متزايد، وأنه لن يتوقف..وكنت فى نهاية كل مشهد من هاته المشاهد دومًا ما ألقى بذلك الشىء فى صندوق القمامة بعدما أقتطعه فى قسوة من جسدى، وأبتسم فى انتشاء وقد صار صدرى مستقيمًا بلا أية استدارات مزعجة من جديد..
أما حين كانت تزورنى الدماء، فقد كنت أبكى أولًا ثم أذهب بعدها لأخبر أمى فى وجوم "لقد عادت تلك الدماء مجددًا"، ثم أستكمل البكاء لاحقًا فى غرفتى، أتبع ذلك بالكثير من الدعاء إلى الرب لكى يتوقف النزيف..
كنت أعقد اتفاقًا مع الرب بأننى سوف أعدّ إلى الرقم عشرة، وحين أنتهى فسوف تتوقف الدماء..وكنت أصل إلى الرقم عشرة فلا تتوقف الدماء بالتأكيد..فكنت أُزيد الرقم قليلًا لعلّ الرب مشغول الآن وسوف يتفرغ لى لاحقًا بالتأكيد، وكنت أصل إلى الرقم مائة، ومائتين، وثلاثمائة..لكن شيئًا لا يحدث..وماذا علّه يحدث؟
ثم تذكرت كل المرات التى ظن الناس فيها -بالشارع أو بالمواصلات- أننى فتى بطريقة أو بأخرى..كنت دومًا أصطنع الضيق والإهانة، لكن شعورًا خفيًا بالفخر كان ينتابنى خلسةً فى كل مرة..
كنت نصف نائمةً-نصف أقرأ فى كتاب بينما يتحدث ذلك الرجل أمام السبورة عن أنظمة التحكم. أقرأ عن ياروميل الشاعر الذى أسمته أمه ياروميلًا تيمنًا بأبوللو إله الشعر والموسيقى فى الأساطير الإغريقية، فلفظة ياروميل هى أقرب شىء إلى كلمة أبوللو فى اللغة التشيكية..كانت غرفتها -الأم- تأوى تمثالًا رخاميًا لأبوللو، وقد كانت تتمنى لو أنه صار رجلًا من لحم ودم، وتمنت كذلك لو أنها حملت منه هو، لا من أبى ياروميل الذى كان يمقت التمثال مقتًا آثمًا.
أدلى الرجل أمام السبورة بدلوه، فتهيأت للمغادرة، وقبلها كتابة اسمى فيما يطلقون عليه "كشف الحضور" أو ما يعادله..
لم أستطع أن أرى الكشف فى أى مكان مرئى، سرت حتى باب المدرج باحثًة بعينىّ فلم أجده كذلك، وبالطبع -كأى شخص مصاب بمرض اجتماعى- لم أرغب فى أن أبدو كشخص تافه يبحث عن كشوف الغياب لتدوين اسمه منعدم الأهمية من أجل حفنة من الدرجات، فتظاهرت بأننى قد قطعت كل هذه المسافة لكى أتحدث مع ذلك الفتى الذى لا أستسيغه كثيرًا، والذى كان من المفترض أن يعيرنى اللاب-توب خاصته اليوم لانجاز بعض الأشياء، ولكن يتضح أنه لن يستطيع فعل ذلك اليوم، فقلت له أننى أحمل فى حقيبتى "فلاشة" غريبة الشكل حاولت مرارًا أن أوصلها بفتحة الusb خاصتى، لكن من الواضح أنها أصغر من مقاس الفتحة بكثير و.... نظرت إليه بينما أتحدث فوجدته ينظر فى كل مكان، يتبادل النظرات مع كل شىء ويبدو متعجلًا، ثم قاطعنى قائلًا: "آه ابقى جربى إذن وقولى لى ما توصلتى إليه"، فقلت شيئًا مثل: "آه حسن واتيفار"..وذكرنى وجهه حينئذ بوجهى حين يبدأ أبى فى الحديث عن ترهات الخرف خاصته، كيف أنه يملك صورةً من شهادة زواج سعاد حسنى فى شقتنا القديمة، فتدور عينىّ فى محجريهما وأقول شيئًا كـ"أوكيه بابا انا هاروح أذاكر دلوقتى باى"..وانتابتنى رغبة مضحكة فى البكاء..
ارتدت حافلة فى طريقى إلى المنزل، وراح سؤال عشوائى يتردد فى طرقات عقلى، رحت أتساءل عن سبب مقتى الشديد لكونى فتاة، فتذكرت أننى لطالما كنت أمقت كونى فتاة، فهذا ليس بالشىء الجديد..
منذ بلغت عامى الثانى عشر ووُصِمت بزيارة الدماء الشهرية، ومنذ صار الفارق بين الفتيان والفتيات جليًا، فارق أكبر بكثير من مجرد طول شعر الرأس، ومنذ توقف رفاق اللعب بالنادى عن لعب الكرة معى لأننى فتاة..ومنذ أول نوبة ألم صاحبت زيارة الدماء وجعلتنى أفقد الوعى، وأصابت عضلاتى بالشلل لساعات فجعلت شفتىّ تتهدّلان، ولسانى غير قادر على نطق كلمةٍ لا تبدو ككلمة من قاموس لغة سكان عطارد..
ومنذ ذلك الوقت وأنا أمقت كل ما يخصّ الفتيات، أمقت تلك الاستدارات المقيتة فى جسدى، وأحرص على مداراتها كلما واتتنى الفرصة..
ثم تذكرت حين كنت فى الثانية عشر، حين كنت أقف أمام خزينة سكاكين المطبخ، أتمنى لو واتتنى الشجاعة فتناولت واحدة واقتطعت بها نهدىّ اللذين كانا قد بدأا ينتؤان حينئذ، صوّر لى عقلى مرارًا مشاهد تكتنفها مقطوعةُ نَصرٍ ملحمية، مشاهد لى وأنا أتخلص من ذلك الجزء الصلب بداخل نهدىّ، والذى كان يؤلمنى كل حين كإشارة على أنه فى نمو متزايد، وأنه لن يتوقف..وكنت فى نهاية كل مشهد من هاته المشاهد دومًا ما ألقى بذلك الشىء فى صندوق القمامة بعدما أقتطعه فى قسوة من جسدى، وأبتسم فى انتشاء وقد صار صدرى مستقيمًا بلا أية استدارات مزعجة من جديد..
أما حين كانت تزورنى الدماء، فقد كنت أبكى أولًا ثم أذهب بعدها لأخبر أمى فى وجوم "لقد عادت تلك الدماء مجددًا"، ثم أستكمل البكاء لاحقًا فى غرفتى، أتبع ذلك بالكثير من الدعاء إلى الرب لكى يتوقف النزيف..
كنت أعقد اتفاقًا مع الرب بأننى سوف أعدّ إلى الرقم عشرة، وحين أنتهى فسوف تتوقف الدماء..وكنت أصل إلى الرقم عشرة فلا تتوقف الدماء بالتأكيد..فكنت أُزيد الرقم قليلًا لعلّ الرب مشغول الآن وسوف يتفرغ لى لاحقًا بالتأكيد، وكنت أصل إلى الرقم مائة، ومائتين، وثلاثمائة..لكن شيئًا لا يحدث..وماذا علّه يحدث؟
ثم تذكرت كل المرات التى ظن الناس فيها -بالشارع أو بالمواصلات- أننى فتى بطريقة أو بأخرى..كنت دومًا أصطنع الضيق والإهانة، لكن شعورًا خفيًا بالفخر كان ينتابنى خلسةً فى كل مرة..
تعليقات
إرسال تعليق