من القطط والبشر.
لم أجد القطة البنية الصغيرة اليوم.
جاء أخوها "لوك" يعدو نحوي بعد دقائق قليلة من أول "بِس بِس بِس" نبست بها. أما هي، فلا أثر.
فكرت: "لابد أنها في العمارة كعادتها، بجانب شقة جارتي" فقد كان هذا هو المعتاد لشهور منذ يناير الماضي، حين وجدتها وأخاها وأختها في صندوق من الكرتون بجوار القمامة، فوضعت حينها الصندوق داخل العمارة المجاورة، بجانب شقة الجارة وبالاتفاق معها.
أطعمناهم واعتنينا بهم كل يوم، وفي أحد الأيام لم نجد أختهما، القطة الكاليكو الملونة. بحثنا فوق وتحت، في الدور العلوي والسفلي، ما من أثر لها. ثم تقبلنا الوضع، لقد ماتت. قطة صغيرة بهذا الحجم وحدها بالشارع، لا توجد احتمالات كثيرة.
منذ ذلك الحين، وهما أخ وأخت. أطعمهما كل يوم، أضع الماء، وأذهب بهما للطبيب عند الحاجة. شاهدتهما يكبران، وتتحول عيونهما من الأزرق فتتلون بصبغة خضراء فاتحة في عيني لوك، وخضراء مزرقة في عينيّ ليكسي.
صرت أحب مؤخرًا أن أتذكر ليلة الشتاء تلك، حين ذهبت بهما إلى عيادة الطبيب في حدائق الأهرام عندما كانا مصابين بالكلاميديا. والكلاميديا في القطط الصغيرة -إذا لم تكن تعلم- قد تعني الموت. كانت ليلة باردة، وكنت معهما في سيارة الأجرة، كانا بجانبي داخل حامل القطط، ففتحت هاتفي لأبحث لهما عن شيء يسليهما. وبدأنا نشاهد معًا فيديو طويلًا من فيديوهات مشاهدة الطيور تلك، يكون عنوان الفيديو شيئًا مثل: "مشاهدة الطيور للقطط: بث مستمر بدون انقطاع" أو "التليفزيون القططي".
صارت هذه واحدة من ذكرياتي المفضلة، أنا وليكسي ولوك، في سيارة الأجرة، نشاهد الطيور على هاتفي معًا.
لكني -ولأول مرة- لم أجد ليكسي حين ذهبت لأبحث عنها في العمارة اليوم. لم تؤت كل الـ"بسبسات" التي أصدرتها بأي نتيجة. أتت لي الـ"بسبسة" بجميع أصدقائي من القطط، ولكن لم تأت هي.
التقطت لها الكثير من الصور البارحة، بِنيّة أن أضيف هذه الصور الحديثة لها على ذلك الموقع الذي يساعد في إخراج القطط للتبني.
امتلأ هاتفي بصور لها وشقيقها، ومكثت الصور على ذلك الموقع منذ فبراير، ولم يتلقا طلب تبنٍ واحد. هذا الاقتصاد لا يسمح بتبني القطط.
شعرت بأن عليّ أن أهيئ نفسي لتقبل حقيقة أنها ماتت، قتلتها سيارة مارة على الأغلب، فهي تحب أن تلهو بأي شيء يتحرك أمامها، حتى لو كان منديلًا أو ورقة في وسط الطريق. "لن تستطيعي إنقاذهم جميعًا" كما يخبرني صديقي كلما تحدثنا عن القطط.
لذا، فكما ترى، امتلأ هاتفي بصور لقطط عديدة لم تعد معنا، وبشر لم يعودوا معنا كذلك.
تعليقات
إرسال تعليق