لسنا كالشاطر حسن أو بروموثيوس.

أقول أننى قد سئمت التواجد..أقول أننى أشعر بكل الإرهاق والضجر من تواجدى، وبأن دمائى قد تجمدت وفترت، وتحولت إلى صخور وحصى يثقل جسدى فيجبره على الإلتصاق بالأرض عنوةً، وكأن قوى الجاذبية الأرضية ليست كافية..
أنا أجرّ نفسى كل يوم عبر الحياة..نعم نعم هذا هو التشبيه المثالى للأمر..أنا أرتكب فعل "الجرّ"..أجرّ جسدى المثقل بالصخور وبأعضائه الداخلية التى سكنت وتحجّرت إلى كتل صماء تدريجيًا..لا أقدر على التوقف عن الجرّ لحظة واحدة..التوقف عن الجرّ يعنى التوقف عن التواجد..وأنا لست شجاعة بما فيه الكفاية لأتوقف عن التواجد..لست كالشاطر حسن أو بروموثيوس..أنا عار ومصدر ازدراء..
أجرّ نفسى فى الحياة يوميًا، ولا يسبب لى هذا إلا كل الألم فى مفاصلى وأغشية عضلاتى من فرط الجرّ..وكل التورم فى عينىّ من فرط البكاء..
أخبرك أننى لا أقدر على الإستمرار..أننى لا أدرى ما أفعله هنا بحق كل من الجحيم والسماء..أننى أرغب فى إنهاء الأمر برمته حالًا..وأننى لا أستطيع فعل ذلك، لأننى أخشى الألم..أخشى ما سأقابل..أخشى العتمة..أخشى أن أظل أعى وأشعر حتى بعدما أنتهى..وكم أن هذا مثير للحسرة..
أرغب كل الرغبة فى أن أتوقف عن الجرّ حالًا..الآن، أرغب فى ذلك بكل جارحةٍ أملك..أشتهى ذلك أكثر مما أشتهى جسدك وضمّك إلىّ..أتطلع إلى ذلك أكثر مما كنت أتطلع إلى حلوى الكراميل..أظمأ إلى ذلك أكثر مما تظمأ إلى الثمالة..لكنى -فى لحظة بعينها- أركع على ركبتىّ فى حسرة، وأواجه نفسى قائلة: أنتِ لستى كالشاطر حسن أو بروموثيوس..
أتأمل البنايات من حولى، أى منهم لن تكون كفيلة بإنهاء وجودى إن قفزت من أعلى نقطة بها..سينتهى بى الأمر بعظام منسحقة وألم عظيم..وأنا لا أريد أن أتألم..
أتأمل المقص الحاد خاصتى، لا لا..الكثير من الدماء والكثير من الألم..وأنا -كما قلت آنفةً لا أريد أن أتألم..
جرعة زائدة من دواء ما؟..لا أملك أدنى فكرة أى دواء بالضبط علىّ استعماله..وكم قرصًا؟..وهناك دقائق طويلة مملة من الإنتظار تفصل بين النور والظلام..لن ينتهى الأمر بسرعة..وأنا أريد للأمر أن ينتهى بسرعة تثنى الزمان والمكان على بعضهما البعض..
لقد صنعنا كلًا من الشاطر حسن وبروموثيوس، لذا فقد صنعناهما على عكس كل ما نحن عليه..
لم نصنعهما على صورتنا، كما صنعنا هو على صورته..
لذا فكما ترى، لم أشترك مع الشاطر حسن وبروموثيوس فى أى شىء..سيرتهما -أبدًا- لن تُقترن بسيرتى..وكم أجد هذا مثيرًا للحسرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من القطط والبشر.

مُولي.

شىء ما بالأعلى غاضب الليلة. (2)