تمنيت لو أنك كنت تستعمل أنظمة السونار خاصتك لأجلى.
رسالةٌ تظهر باللون الأحمر على شاشتك وتنذر بالويل قائلةً: "سأبتذل كثيرًا فيما يلى..هذا ليس أنا كما عهدتنى"
نعرف جميعًا -معشر الطيبين والطيبات-، أن الملل يتسلل إلى كل شىء..يتسرب إلى مسام الأشياء فيملأها عن آخرها ويفيض..حتى الإسفنج، فهو يمل عند لحظةٍ ما ويقرر أن هذا قدر كافٍ من السوائل، وليذهب الباقى حيث ألقت..
هذه يا سادة هى حقيقة الأشياء، وهى حقيقة وجودنا، وإليها نئول ويئول كل شىء..
لكنك لم ترضخ يومًا إلى ذلك..واتهمتنى بالقسوة والمادية، كم أننى أرى المادية الصلدة فى كل شىء بنظر ميكروسكوبى غير مسبوق..
حين أرى الشر فإننى صرت ألتمس العذر للشرير، التمست العذر للوسيفر وما قد يكون قد مرّ خلاله فى حياته السابقة..ألتمس العذر للعائلات التى تلقى بمسنيها فى دور المسنين..
حين تمنع تلك المطرقة الثقيلة من السقوط من فوق سطح البناية لتهشيم رأس ذلك الرجل الذى يسير متباطئًا بالأسفل، فأنت تفعل ذلك لتعود ليلًا إلى منزلك شاعرًا بالفخر والإباء، وتتذكر تلك اللحظة البطولية، ربما تقصها على أحفادك حول مدفأة المازوت..أنا أنقذت ذلك الرجل ذاك اليوم..أنت لا تفعل ذلك بشكل خالص..نحن أنانيون يا صديقى، وأنت لم تدرك هذا أبدًا..
لم أعد تلك الفتاة الحالمة كما أحببتنى من قبل..نظرات لومك وخيبة أملك فىّ لا زالت تلاحقنى فى كل صوب..
لكنك تعرف أننا كنا بعد مراهقين ساذجين أى صديقى القديم، ننظر إلى العالم بعين ترى أقواس قزح التى يعيش فى نهاياتها الأقزام والأفراس وحيدة القرن، هناك حيث يجتمع الجميع على مائدة دائرية على الكلأ بعد العصر، فيأكلون غزل البنات الوردى المطهىّ فى قِدر أرجوانى كبير، ويتبادلون القصص المسلية..
كل شىء بسيط وجميل كأوقات ما بعد العصر المفضلة لدىّ، أو كأحد أفلام الحافظة الزرقاء..حيث يعيش الأبطال كل يوم بيومه..نقع فى الحب حتى أذنينا، نتسكع، نتلمّس بعضنا، نثمل وننشد معًا أغانى بينك فلويد، وربما تدمع عينانا على لحن Let it be حين نعود فنستمع للبيتلز..
أتذكر كم كانت القبلات أكثر حرارةً فى البداية، يستكشف كل منّا جسد الآخر فى فضول أكثر منه حبٍ أو تفضيلٍ من نوعٍ ما..
كانت قبلتنا الأولى على الدَرج سينمائيةٌ تمامًا، أعرف أننى لو كنت أنظر إلينا من منظور الشخص الثالث لكنت صفقت انبهارًا، لكنى لم أفعل..
كنت أحب أن أضمّك بعد أن أتلفت يمنةً ويسرةً للتأكد أن المكان آمن من الفضوليين..ثم أجالسك ويدىّ اليسرى تعتضد إلى كتفك، وأقرأ عليك فقرة من هذا الكتاب أو ذاك.. لم تكن تحب القراءة كثيرًا، لكنك كنت تستمع لىّ فى شغف هرّ صغير..
أو أننا كنا نجلس فنستمع إلى تلك الأغنية التى يكرهها الجميع ويُكوِّنون روابط كراهيةٍ على شرفها، لكننا أحببناها..
الملل يتسلل إلى كل شىء، وأنا قد مللت حينها..لست استثناءً ولست قدّيسةً..أنا بشرية أخرى.. أنا اسم آخر فى السجل المدنى..
تتوالى مشاهد الفيلم خاصتنا على الشاشة، الفيلم يذبل رويدًا رويدًا كشريط كاسيت تالف يلفظ أنفاسه الأخيرة متباطئًا.. ورواد دار السينما يغادرون ساخطين..داعيين بالخراب وبسبع سنوات من الحظ السىء على رُؤوس صانعى الفيلم..يودون لو استعادوا كل سنت تثمّن فى شراء التذكرة..
فقد صرت أقبّلك بأنفاس معبّقةٍ برائحة التبغ على مضض، كما لو كنت أقوم بواجب من واجباتى المنزلية..وأنت كنت تعرف أننى قد توقفت عن القيام بواجباتى المنزلية منذ وقت طويل..
تزامن هذا مع فترة وعيي بنهايات الأشياء..كيف كنت حمقاء لهذه الدرجة؟، كيف لم أر هذا أبدًا؟، كيف لم تبصر عيناى النور فى نهاية النفق؟، كيف كنت شغفةً لفعل أى شىء على الإطلاق فى يوم من الأيام؟
لقد كان كل شىءً مثاليًا، لِمَ كان علىّ أن أفسد كل شىء بلا هوادة؟، لِمَ كان علىّ أن أحطم برج لعبة المكعبات خاصتك؟
حاولت ضغط زر الـundo، لكنه كان رمادى اللون بالفعل، متحجر تمامًا غير قابل للضغط عليه..
كم أن هذا مضحك، كل ما مررنا به سويًا كان تحصيلًا حاصلًا كما يقولون..محاولة جينية سخيفة للإبقاء على النوع، توارثناها رغمًا عنّا..
وقد كنت تعسةً، ألسنا نتواجد على هامش الكون؟..نحن نعيش بلا تحكم، نرغب لو أن تتوقف الجاذبية من أجلنا، ولكنها لن تفعل..
وقد كنت تعسةً جدًا..وانغمست تمامًا فى حزنى الوجودى المضحك..فنسيت كل ما سواه..
"كم أن هذا سخيف ومبتذل، لا أريد فعل هذا بعد الآن، ألا تبصر ما أبصر؟"
لم يكن نورًا ذلك الذى فى نهاية النفق أبدًا من المقام الأول..لكننى تظاهرت أنه كذلك..
روّاد دار السينما يغادرون بتعابير وجه سقمة، فهم لم يأتوا لمشاهدة إسقاط آخرعلى حقيقتنا جميعًا وحقيقة الأشياء..لقد أتوا ليروا كل ما هو عكس ذلك، ليشعروا أن كل ما هو آتٍ أفضل، أن يقرنوا كلمة الـ"غد" بكلمة "أفضل" فى أذهانهم.. فلم نعطهم مرادهم، إذن فالويل لنا..والويل لى بالتحديد..فلا أحد يعتريه الفضول بشأن ماهية النهايات..
مرت سنوات يا صديقى، وقد انتهى كل شىء، لكننا ما زلنا نواظب على الفناء..النشاط الوحيد الذى لن نمل منه أبدًا على ما أظن؟
نعرف جميعًا -معشر الطيبين والطيبات-، أن الملل يتسلل إلى كل شىء..يتسرب إلى مسام الأشياء فيملأها عن آخرها ويفيض..حتى الإسفنج، فهو يمل عند لحظةٍ ما ويقرر أن هذا قدر كافٍ من السوائل، وليذهب الباقى حيث ألقت..
هذه يا سادة هى حقيقة الأشياء، وهى حقيقة وجودنا، وإليها نئول ويئول كل شىء..
لكنك لم ترضخ يومًا إلى ذلك..واتهمتنى بالقسوة والمادية، كم أننى أرى المادية الصلدة فى كل شىء بنظر ميكروسكوبى غير مسبوق..
حين أرى الشر فإننى صرت ألتمس العذر للشرير، التمست العذر للوسيفر وما قد يكون قد مرّ خلاله فى حياته السابقة..ألتمس العذر للعائلات التى تلقى بمسنيها فى دور المسنين..
حين تمنع تلك المطرقة الثقيلة من السقوط من فوق سطح البناية لتهشيم رأس ذلك الرجل الذى يسير متباطئًا بالأسفل، فأنت تفعل ذلك لتعود ليلًا إلى منزلك شاعرًا بالفخر والإباء، وتتذكر تلك اللحظة البطولية، ربما تقصها على أحفادك حول مدفأة المازوت..أنا أنقذت ذلك الرجل ذاك اليوم..أنت لا تفعل ذلك بشكل خالص..نحن أنانيون يا صديقى، وأنت لم تدرك هذا أبدًا..
لم أعد تلك الفتاة الحالمة كما أحببتنى من قبل..نظرات لومك وخيبة أملك فىّ لا زالت تلاحقنى فى كل صوب..
لكنك تعرف أننا كنا بعد مراهقين ساذجين أى صديقى القديم، ننظر إلى العالم بعين ترى أقواس قزح التى يعيش فى نهاياتها الأقزام والأفراس وحيدة القرن، هناك حيث يجتمع الجميع على مائدة دائرية على الكلأ بعد العصر، فيأكلون غزل البنات الوردى المطهىّ فى قِدر أرجوانى كبير، ويتبادلون القصص المسلية..
كل شىء بسيط وجميل كأوقات ما بعد العصر المفضلة لدىّ، أو كأحد أفلام الحافظة الزرقاء..حيث يعيش الأبطال كل يوم بيومه..نقع فى الحب حتى أذنينا، نتسكع، نتلمّس بعضنا، نثمل وننشد معًا أغانى بينك فلويد، وربما تدمع عينانا على لحن Let it be حين نعود فنستمع للبيتلز..
أتذكر كم كانت القبلات أكثر حرارةً فى البداية، يستكشف كل منّا جسد الآخر فى فضول أكثر منه حبٍ أو تفضيلٍ من نوعٍ ما..
كانت قبلتنا الأولى على الدَرج سينمائيةٌ تمامًا، أعرف أننى لو كنت أنظر إلينا من منظور الشخص الثالث لكنت صفقت انبهارًا، لكنى لم أفعل..
كنت أحب أن أضمّك بعد أن أتلفت يمنةً ويسرةً للتأكد أن المكان آمن من الفضوليين..ثم أجالسك ويدىّ اليسرى تعتضد إلى كتفك، وأقرأ عليك فقرة من هذا الكتاب أو ذاك.. لم تكن تحب القراءة كثيرًا، لكنك كنت تستمع لىّ فى شغف هرّ صغير..
أو أننا كنا نجلس فنستمع إلى تلك الأغنية التى يكرهها الجميع ويُكوِّنون روابط كراهيةٍ على شرفها، لكننا أحببناها..
الملل يتسلل إلى كل شىء، وأنا قد مللت حينها..لست استثناءً ولست قدّيسةً..أنا بشرية أخرى.. أنا اسم آخر فى السجل المدنى..
تتوالى مشاهد الفيلم خاصتنا على الشاشة، الفيلم يذبل رويدًا رويدًا كشريط كاسيت تالف يلفظ أنفاسه الأخيرة متباطئًا.. ورواد دار السينما يغادرون ساخطين..داعيين بالخراب وبسبع سنوات من الحظ السىء على رُؤوس صانعى الفيلم..يودون لو استعادوا كل سنت تثمّن فى شراء التذكرة..
فقد صرت أقبّلك بأنفاس معبّقةٍ برائحة التبغ على مضض، كما لو كنت أقوم بواجب من واجباتى المنزلية..وأنت كنت تعرف أننى قد توقفت عن القيام بواجباتى المنزلية منذ وقت طويل..
تزامن هذا مع فترة وعيي بنهايات الأشياء..كيف كنت حمقاء لهذه الدرجة؟، كيف لم أر هذا أبدًا؟، كيف لم تبصر عيناى النور فى نهاية النفق؟، كيف كنت شغفةً لفعل أى شىء على الإطلاق فى يوم من الأيام؟
لقد كان كل شىءً مثاليًا، لِمَ كان علىّ أن أفسد كل شىء بلا هوادة؟، لِمَ كان علىّ أن أحطم برج لعبة المكعبات خاصتك؟
حاولت ضغط زر الـundo، لكنه كان رمادى اللون بالفعل، متحجر تمامًا غير قابل للضغط عليه..
كم أن هذا مضحك، كل ما مررنا به سويًا كان تحصيلًا حاصلًا كما يقولون..محاولة جينية سخيفة للإبقاء على النوع، توارثناها رغمًا عنّا..
وقد كنت تعسةً، ألسنا نتواجد على هامش الكون؟..نحن نعيش بلا تحكم، نرغب لو أن تتوقف الجاذبية من أجلنا، ولكنها لن تفعل..
وقد كنت تعسةً جدًا..وانغمست تمامًا فى حزنى الوجودى المضحك..فنسيت كل ما سواه..
"كم أن هذا سخيف ومبتذل، لا أريد فعل هذا بعد الآن، ألا تبصر ما أبصر؟"
لم يكن نورًا ذلك الذى فى نهاية النفق أبدًا من المقام الأول..لكننى تظاهرت أنه كذلك..
روّاد دار السينما يغادرون بتعابير وجه سقمة، فهم لم يأتوا لمشاهدة إسقاط آخرعلى حقيقتنا جميعًا وحقيقة الأشياء..لقد أتوا ليروا كل ما هو عكس ذلك، ليشعروا أن كل ما هو آتٍ أفضل، أن يقرنوا كلمة الـ"غد" بكلمة "أفضل" فى أذهانهم.. فلم نعطهم مرادهم، إذن فالويل لنا..والويل لى بالتحديد..فلا أحد يعتريه الفضول بشأن ماهية النهايات..
مرت سنوات يا صديقى، وقد انتهى كل شىء، لكننا ما زلنا نواظب على الفناء..النشاط الوحيد الذى لن نمل منه أبدًا على ما أظن؟
تعليقات
إرسال تعليق