في أحد تلك الأيام. (1)

 استيقظت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بلا سبب. لاحظت أنني لا أشعر بدقات قلبي، وهو حدث نادر إن أردت رأيي. أستغل الأوقات التي لا أشعر فيها بقلبي في الاستلقاء على السرير والاستمتاع بذلك الشعور، شعور أن يكون جسدك ثابتًا، لا يهتز مع كل نبضة قلب.

أفكر في تلك العربة التي رأيتها اليوم في طريقي إلى المنزل، كان مكتوبًا على زجاجها الخلفي "إغاثة"، لكنني ظننت في بادئ الأمر أن حرف الغين ما هو إلا جيمًا غير معطشة، فقرأت المكتوب "أجاثة"، فكان أول ما جاء في بالي هو أن سائق العربة لابد أن له ابنة اسمها "أجاثا" وقد كتب اسمها على سيارته، مثلما يفعل سائقو الميكروباصات والتكاتك، فيكتبون أبا أحمد وأبا فرحة وما شابه. 

أفكر أيضًا في حبكة القصة القصيرة التي أريد كتابتها، والتي نزلت عليَّ من اللا مكان عندما كنت في طريقي إلى عيادة أمراض القلب لإجراء رسم قلب للمرة العاشرة.

تتحدث القصة باختصار عن فتاة تعاني من ضربات قلب سريعة وقوية (هل يبدو هذا مألوفًا؟)، فتذهب باستمرار إلى الأطباء الذين يصرون على أنها لا تعاني من مرض في القلب، وأن كل ذلك ما هو إلا نوبات فزع حادة.. وفي أحد تلك الأيام، تداهمها نوبة من هذه النوبات، تشعر بصدرها ينطبق على بعضه، فتصمم على الذهاب لإجراء رسم قلب حتى يطمئن قلبها، وتتأكد من أنها لا تمر بنوبة قلبية. ترتدي ملابسها، ثم تكتشف أنها لم تحلق ساقيها منذ وقت طويل، وأنهم سيكشفون عن ساقيها لتثبيت أقطاب جهاز رسم القلب، ولن يكون لطيفًا أن ترى الممرضات الجميلات متفجرات الأنوثة ساقًا مشعرة لفتاة، كم أن هذا غير لائق، صحيح؟

لذا، نجدها تمسك بشفرة الحلاقة وهي تصارع الألم وضربات القلب القوية، وتحلق ساقيها على عجل من دون أن تنظر إلى الموضع الذي تحتك به الشفرة، ومن دون استخدام معجون حلاقة حتى. ترتدي البنطال لتكتشف أنها قد جرحت أسفل ساقها عند الكاحل جرحًا عميقًا، وأنها تنزف. تضع بعض المناديل على الجرح، ثم تهرع إلى المركز لإجراء رسم القلب.. وهناك يتبين أن رسم القلب طبيعي، بَيْد أن الفتاة تموت في نهاية الأمر، إذ يتبين أن شفرة الحلاقة قد قطعت أحد شرايين الكاحل.

يا للشاعرية، صح؟ امرأة أخرى تلقى حتفها لأسباب اعتباطية أخرى. أعني أنها ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة.

على أية حال، لم تكتمل فرحتي، فقد عادت ضربات القلب القوية لتداهمني من جديد، سنقضي ليلة نابغية أخرى على ما يبدو..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من القطط والبشر.

مُولي.

شىء ما بالأعلى غاضب الليلة. (2)