لا تكن عاطلًا..لا تكن وحيدًا.
تشارلز: آه يا لىّ من ضفدع عجوز مدلل..يا يسوع المسيح، فلتنظر إلى هذا..
لِمَ علىَّ دومًا أن أتذمّر؟..
عربتان أكيورا فى الممر ومِسبَحٌ كبير..وها أنا أتصرف كعجوز متعجرف و..آه حسنٌ دعنا من هذا..
*يبتلع دفعة من زجاجة الجعة*
نعم، يقولون أننى جيد فى المحادثات..أعنى، لقد عشت بما فيه الكفاية، سمعت ما يكفى من المحادثات اللعينة..فبالطبع كان علىّ أن أكون جيدًا فى المحادثات يا حمقى..
كل ما فى الموضوع هو أننى قد رُزقت دومًا بحياة سيئة رديئة الجودة، هذا هو كل شىء..حياةٌ سيئة منخفضة الجودة لأكتب عنها..
كُتَّاب كثيرون يصنعون الشهرة ويذيع صيتهم فى سن الثانية والعشرين، فلنقل الثالثة والعشرين..ومن ثَمّ فإنهم يلجّون تلقائيًا إلى عالم الأدب..يذهبون إلى حفلات الكوكتيل ببذات مهندمة وتسريحات شعر مُنمَّقة..
وبعدها لا يحدث شىء إلا..هذا..فقط..
إلى هذا تئول حيواتهم فى النهاية..
وهكذا -كما ترى- فإنهم يفوّتون على أنفسهم ذلك الجانب الآخر الممتع من الحياة..الجانب كريه الرائحة المصنوع من تلال السماد العضوى..
لطالما كنت محظوظًا فى الحصول على الوظائف..فليكن هناك عشرة أشخاص فى غرفة الانتظار، يرغب كل واحد منهم فى الحصول على الوظيفة، لا يهم فليكن عددهم ما كان، فإن الاختيار دومًا ما كان يقع علىّ أنا.. كانوا يختاروننى دومًا لسبب لعين ما..
وقد اكتشفت السبب فى النهاية، كانوا يعدّوننى غبيًّا..غبىٌّ أكثر من اللازم لسرقة أى شىء، لذا فقد كانوا يأخذوننى أنا دومًا..
أنا لا أحب ما أكتبه بالقدر الذى قد تظنه، ربما لا أحب ما أكتب على الإطلاق..
أتود أن تعلم ما يثير اهتمامى؟..إن ما يثير اهتمامى هو ما سوف أكتبه ليلة الغد..هذا كل ما يثير اهتمامى..القصيدة اللعينة القادمة..السطر اللعين القادم..
ما مرّ قد مرّ..لا أشعر بالرغبة فى الوقوف متلكئًا عند الماضى..لا أريد أن أقرأ عن الماضى..أو أن ألعب بالماضى..أو أن أداعبه..أو أن أمازحه..لقد ذهب..لقد انتهى..لقد تمّ..
دعنى أقول لك، فى اللحظة التى لا يعود باستطاعتك أن تكتب السطر القادم، إذن فإنك ميت..
الماضى غير ذى أهمية..فلتذكر هذا جيدًا..
-أنت معتاد على الكتابة كل ليلة؟
تشارلز: ليس كل ليلة بالضبط..فلنقل ثلاث أو أربع ليالٍ من كل سبع..ولو أننى خرقت هذه العادة ولم أكتب على هذا المنوال، فإننى أجدنى أتصرف بشكل غير صائب..وأشعر بالمرض..وأكتئب بشدّة..
الأمر كله بمثابة اعتاق لكل ما يدور بداخلى..اعتاقٌ نعم..الكتابة هى طبيبى النفسى الخاص..يساعدنى للتخلص من كل الهراء الذى يعتمل بداخلى..وإننى لوَغدٌ محظوظ إذ أننى أتقاضى الأجر لكى أكتب..لكنت فعلتها بلا مقابل..فى الحقيقة كنت لأعطى النقود لأفعلها..
إليك هذا، سوف تتقاضى عشرة آلاف دولار فى السنة لو أنك تركتنى لأكتب..
-وعلى الرغم من كل شىء فقد مرّت عليك سنوات لم تكن تتقاضى فيها المال مقابل كتاباتك..
تشارلز: آه لا، بحق الجحيم لا، لم أكن أتقاضى سنتًا..
-كم مرّ عليك من الوقت وأنت تعمل فى مكتب البريد؟..خمسة عشر عامًا؟ ثمانية عشر عامًا؟
تشارلز: لا لا، أنا آهه..استقلت فى سن الخمسين..وإذ غادرت المكتب كان آخر شىء أسمعه هو صوت رجل ممن يعملون هناك يهمس لزميله: "فلأُشنَق إن لم يكن هذا العجوز مجنونًا لتركه وظيفة جيدة كهذه"
وإذ سرت خارجًا من ذاك المبنى، فكرت: يا يسوع المسيح، ربما كانوا على حق..
لكننى لم أهتم كثيرًا على أية حال..كنت مستعدًا لأن أكون متشردًا آخر ممن تعج بهم الطرقات..كنت متعبًا من كل شىء..فليُلعَن كل شىء..
فى ظنى، فإن كتاباتى يمكن أن تُوصَف بأنها بعضٌ من الهراء القوى..
لكننى أظن أنه لن يلبث الأمر بعد أن أموت، بعد أن أكون آمنًا فى قبرى، حينئذٍ فقط فإنهم سوف يُخرجوننى من جديد، سيعيدون احيائى..سوف يكتشفوننى بحق ..تعلم..سيلتمع اسمى..بوكووسكى..
آههخخ سوف يكون الأمر مُمرضًا بحق، ويُسعدنى أننى لن أكون هناك لأشهده..
ولكن للآن، فإننى أحب الأمور كما هى..هادئة..
أنا لا أعرف ماهيتى..سوف أذهب الآن إلى الحمام، وداعًا..
لِمَ علىَّ دومًا أن أتذمّر؟..
عربتان أكيورا فى الممر ومِسبَحٌ كبير..وها أنا أتصرف كعجوز متعجرف و..آه حسنٌ دعنا من هذا..
*يبتلع دفعة من زجاجة الجعة*
نعم، يقولون أننى جيد فى المحادثات..أعنى، لقد عشت بما فيه الكفاية، سمعت ما يكفى من المحادثات اللعينة..فبالطبع كان علىّ أن أكون جيدًا فى المحادثات يا حمقى..
كل ما فى الموضوع هو أننى قد رُزقت دومًا بحياة سيئة رديئة الجودة، هذا هو كل شىء..حياةٌ سيئة منخفضة الجودة لأكتب عنها..
كُتَّاب كثيرون يصنعون الشهرة ويذيع صيتهم فى سن الثانية والعشرين، فلنقل الثالثة والعشرين..ومن ثَمّ فإنهم يلجّون تلقائيًا إلى عالم الأدب..يذهبون إلى حفلات الكوكتيل ببذات مهندمة وتسريحات شعر مُنمَّقة..
وبعدها لا يحدث شىء إلا..هذا..فقط..
إلى هذا تئول حيواتهم فى النهاية..
وهكذا -كما ترى- فإنهم يفوّتون على أنفسهم ذلك الجانب الآخر الممتع من الحياة..الجانب كريه الرائحة المصنوع من تلال السماد العضوى..
لطالما كنت محظوظًا فى الحصول على الوظائف..فليكن هناك عشرة أشخاص فى غرفة الانتظار، يرغب كل واحد منهم فى الحصول على الوظيفة، لا يهم فليكن عددهم ما كان، فإن الاختيار دومًا ما كان يقع علىّ أنا.. كانوا يختاروننى دومًا لسبب لعين ما..
وقد اكتشفت السبب فى النهاية، كانوا يعدّوننى غبيًّا..غبىٌّ أكثر من اللازم لسرقة أى شىء، لذا فقد كانوا يأخذوننى أنا دومًا..
أنا لا أحب ما أكتبه بالقدر الذى قد تظنه، ربما لا أحب ما أكتب على الإطلاق..
أتود أن تعلم ما يثير اهتمامى؟..إن ما يثير اهتمامى هو ما سوف أكتبه ليلة الغد..هذا كل ما يثير اهتمامى..القصيدة اللعينة القادمة..السطر اللعين القادم..
ما مرّ قد مرّ..لا أشعر بالرغبة فى الوقوف متلكئًا عند الماضى..لا أريد أن أقرأ عن الماضى..أو أن ألعب بالماضى..أو أن أداعبه..أو أن أمازحه..لقد ذهب..لقد انتهى..لقد تمّ..
دعنى أقول لك، فى اللحظة التى لا يعود باستطاعتك أن تكتب السطر القادم، إذن فإنك ميت..
الماضى غير ذى أهمية..فلتذكر هذا جيدًا..
-أنت معتاد على الكتابة كل ليلة؟
تشارلز: ليس كل ليلة بالضبط..فلنقل ثلاث أو أربع ليالٍ من كل سبع..ولو أننى خرقت هذه العادة ولم أكتب على هذا المنوال، فإننى أجدنى أتصرف بشكل غير صائب..وأشعر بالمرض..وأكتئب بشدّة..
الأمر كله بمثابة اعتاق لكل ما يدور بداخلى..اعتاقٌ نعم..الكتابة هى طبيبى النفسى الخاص..يساعدنى للتخلص من كل الهراء الذى يعتمل بداخلى..وإننى لوَغدٌ محظوظ إذ أننى أتقاضى الأجر لكى أكتب..لكنت فعلتها بلا مقابل..فى الحقيقة كنت لأعطى النقود لأفعلها..
إليك هذا، سوف تتقاضى عشرة آلاف دولار فى السنة لو أنك تركتنى لأكتب..
-وعلى الرغم من كل شىء فقد مرّت عليك سنوات لم تكن تتقاضى فيها المال مقابل كتاباتك..
تشارلز: آه لا، بحق الجحيم لا، لم أكن أتقاضى سنتًا..
-كم مرّ عليك من الوقت وأنت تعمل فى مكتب البريد؟..خمسة عشر عامًا؟ ثمانية عشر عامًا؟
تشارلز: لا لا، أنا آهه..استقلت فى سن الخمسين..وإذ غادرت المكتب كان آخر شىء أسمعه هو صوت رجل ممن يعملون هناك يهمس لزميله: "فلأُشنَق إن لم يكن هذا العجوز مجنونًا لتركه وظيفة جيدة كهذه"
وإذ سرت خارجًا من ذاك المبنى، فكرت: يا يسوع المسيح، ربما كانوا على حق..
لكننى لم أهتم كثيرًا على أية حال..كنت مستعدًا لأن أكون متشردًا آخر ممن تعج بهم الطرقات..كنت متعبًا من كل شىء..فليُلعَن كل شىء..
فى ظنى، فإن كتاباتى يمكن أن تُوصَف بأنها بعضٌ من الهراء القوى..
لكننى أظن أنه لن يلبث الأمر بعد أن أموت، بعد أن أكون آمنًا فى قبرى، حينئذٍ فقط فإنهم سوف يُخرجوننى من جديد، سيعيدون احيائى..سوف يكتشفوننى بحق ..تعلم..سيلتمع اسمى..بوكووسكى..
آههخخ سوف يكون الأمر مُمرضًا بحق، ويُسعدنى أننى لن أكون هناك لأشهده..
ولكن للآن، فإننى أحب الأمور كما هى..هادئة..
أنا لا أعرف ماهيتى..سوف أذهب الآن إلى الحمام، وداعًا..
تعليقات
إرسال تعليق