المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, 2018

إضاءات. (2)

صورة

عهد الأسطورة.

أنا مصابة بداء عدم التذكر. آه وداء الملل أيضًا.. لم أعد أذكر أكثر لحظاتى أيقونيةً بعد الآن..أوقات مراهقتى التى كان من المفترض بها أن تكون الذكريات الأكثر قوة وعنفوانًا، أن تكون محفوظة فى صناديق ذهبية، طافيةً على السطح..ليست إلا بضعة أوراق فى صناديق خشبية رثة تختبئ على استحياء فى أحد أركان عقلى. من حين لآخر، تطرق أبواب عقلى -بشكل مفاجئ- ذكرى قديمة من مراهقتى كنت قد نسيتها..تمكنت -بشكل ما- من الفرار من صندوقها الخشبى والإتصال بى بشكل مباشر..فيمزقنى نحوها الشجن والنوستالجيا وكل المشاعر التى قد صرت أمقتها..كل ما يجعلنا -نحن البشر- ضعفاء وهشّين..كل ما يجعلنا بشرًا.. تذكرت اليوم أوقاتى مع صديقتىّ القديمتين فى المدرسة الثانوية..كنا فى الخامسة عشر..أنظر الآن إلى الأمر لأرى أننى لم أكن أفهم بعد كيف تنشأ العلاقة الإنسانية المدعوة "صداقة" كما يجب..لم أكن أفهم الطقوس المجتمعية التى تتوجب على المشاركين فى هذه العلاقة لممارستها بشكل "صحيح".. كان الأمر بالنسبة لى هو: شخص أشعر معه ببعض الراحة..لدينا بضعة قواسم مشتركة فنستطيع تبادل أطراف الحديث..أشعر نحوه ببعض الحب(؟) ربما..لا...

الثامن من أبريل.

صورة
أزحف ببطء نحو نافذتك.. أنادى بنعومة عبر الشارع  دومًا هناك أرملة وحيدة نصف مستيقظة، نائمة على قدمىّ عمّرت على هذه الأرض طويلًا، لكنى لم أحظ يومًا بأى طفل لى لم أحظ بمكالمات فى كابينات الهواتف، لأحدثهم بالمنزل فقط، تلفازًا أشاهده حين يوغل الليل  فى غرفتى وحيدًا .. لا مغزى من الإنتظار  فلتعرض علىّ درجاتك الخشبية، حتى يتسنى لى تسلقها، فالوصول إليك اعرض علىّ كل لوحاتك  مثل الحكّة فى منتصف الليل دعنى أتمدد وأتمطى فوق سجادك دعنى أستمع لقطرات المطر وهى تطرق أرصفة شارعك  عالمًا أننى فى أمان بالداخل متلحفًا فى الدفء، منسحبًا فى تيار نوم هادئ 

إضاءات. (1)

صورة

الكهف.

السطور التالية تشمل حديثًا مكتوبًا بينى وبين..آمم..دعونا نطلق عليه "ك"..لأنه يعشق السرية والغموض، تلك الأشياء التى كنا نمارسها فى سن الثالثة عشر، بينما تضع لفافة تبغ ردىء بين شفتيك وتضيق عينيك كثعلب محنك قد خَبَر الدنيا ونال منها ما نال.. ولكن، دعنا من الاستطراد.. *********** ك: أنا أرى كل الجمال فى النهايات..أنتم تحبون أن تكون خاتمة الرواية/الفيلم/المسرحية ملحميةً جديرةً بكونها النهاية الحقّة..تتفننون فى إبراز كلمة (النهاية) التى تظهر على الشاشة وسط السكون..تزخرفونها وتستميتون فى جعلها الأجمل والأحلى مظهرًا..تزينون مشاهد النهايات وتضعون لها الأولوية القصوى..لا آبه إن كان عرضى سيئًا، لأنه لو كانت نهايتى رائعة مبهرة للأنفاس، فإن هذا كل ما يهم وليذهب الباقى حيث ألقت..لذا فكما ترى، فقد كان من الحكمة أن البشر لن يعيشوا للأبد..المجد وكل المجد للموت.. - أتفق إلى حد ما.. ك: فلتتخيل معى، لو صرتم خالدين، أى مصائب ستحلون بها على أرضكم..ستزداد المصائب بعدد الأحياء.. بعضكم سيجنّ من فرط الذكريات..نشاط التذكر نفسه لن يكون ذا معنى بعد الآن..كل لحظة ستمر تستطيع أن تصنع غيرها ...

هل صنعت لنفسك فراشًا فى الجحيم اليوم؟

من المحزن أن لا أحد سيشاهدك وأنت فى أكثر لحظاتك أيقونيةً..لا أحد سيكتب عنها..وإن كتبت أنت عنها فإن أحدًا لن يقرأ..وإن تحدثت عنها فإن أحدًا لن يستمع..وإن استمع لك أحدهم فإنه سيفعل ذلك بكل الإمتعاض فى هذا العالم، وسينسى الأمر برمته بعد بضعة ثوانٍ. أنت تضع الكثير من التركيز فى الحزن على ذلك أكثر مما تضع تركيزًا فى أن تحيا تلك اللحظة الأيقونية..أن تدعها توصم علامةً ما بداخلك..فتجعل منك شخصًا أفضل ربما..أو الأسوأ على الإطلاق..الأمر نسبىّ.. اليوم أشعر باليتم..أننى فقدت أمًا وأبًا.. لم أحب أبى قط..أو دعنا نقول أننى لم أحب أبى منذ فترة طويلة..صرت أمقته بكل ما أملك من مقت منذ فتحت عينىّ على الحقيقة.. كطفلة كانت الأمور أكثر بساطةً..أنا أحب أمى وأبى وأختى..أحب أخى وكرة القدم والسباحة..أحب الذرة المشوية نصف شواء والقراءة.. وأحب بلادى..وهذا موضوع تعبير مبتذل وأنا أمقت الإبتذال، فمعذرةً سأنسحب الآن.. تغيرت الأمور كلما نضجت أكثر فأكثر..فلم أعد أحب بلادى إلى هذا الحد..عافيت كرة القدم والسباحة نظرًا لحالة قلبى..كما أننى لم أعد أحب أبى على الإطلاق.. لا أدّعى أننى أعرف الرجل جيدًا أو أننى قد سبرت ...

An Apology.

من الغريب والمثير للدهشة أننا نتحدث هنا منذ كنت طفلة فى الثالثة عشر..ولم يخطر لى فى مرة من المرات أن أحدثك عن عائلتى، أصدقائى، التكوين النفسى للأشخاص الذين يلتقى وجودهم مع وجودى، ما يحدث فى حياتى الحقيقية..ما أفعله يوميًا، ما أفتعله أمام الناس، ما أقاسيه فى اصطناع الإهتمام..ما أتوق إليه فى علاقاتى الجديدة مع الأشخاص الجدد..وما أخوضه لإنهائها.. لطالما اكتفيت فقط بالتلميحات البسيطة، دومًا فعلت ذلك..أعطيك لمحة مما يحدث، رشفة من الكأس لكن ليس الكأس كله..لم أكن أبدًا واضحة هنا.. أتصور دومًا حياتى الحقيقية بصورة أكثر سخفًا من أتكلف وأستهلك بعض الهواء الثمين لأكتب عنها..ليست شيئًا لأساهم به فى المخزون الأدبى لهذا القرن..آمم، إن كنت أساهم فيه الآن من الأساس.. لم يسبق لى أن كتبت أبدًا -بشكل مباشر- أنه اليوم قد فعلت كذا وكذا، وتحدثت مع هذا أو ذاك..وأن هذا الفتى لطيف..أو تلك الفتاة ساذجة..لم يسبق لى أن فعلت هذا، صحيح؟.. ربما حدثتك مؤخرًا عن علاقتى بذلك الشخص القديم..وحدثتك هنا فى مرة عن مراهقتى وشقائى للبقاء فى هذا الجسد الذى أردته أن يظل طفلًا للأبد..وعلاقتى السابقة مع الكيان المزعوم بالأعل...

كل الشاعرية فى الموت.

ما يثير إعجابى الآن فى نشاط الكتابة هذا هو مدى سهولة الأمر، أنا هنا وحدى أمارس القىء الفكرى على صفحة بيضاء..ليست مقطوعة موسيقية تتطلب الكثير من العمل والوقت، فقط سأبصق ما لدى من كلمات وينتهى الأمر، أليس هذا جميلًا؟ أنا أمل سريعًا، وكذلك أنت هه؟  ليست قصةً ذات حبكة معقدة تتطلب تفكيرًا وأوراقًا وسردًا وأكواب قهوة وتظاهرًا بالأهمية وتأملات لإنعكاسك فى المرآة من تارة لأخرى لترى شعرًا أشعث ووجهًا مجهد فتشعر بالرضا لأن هذا بالضبط ما لقنوه إياك على أنه المظهر المثالى للكاتب المجنون..والكاتب المجنون هو الtheme خاصتك..هذا باعث للرضا إذن هه؟..أنت تسير بحذاء الtheme خاصتك وهذا مؤشر جيد.. آه عم سنتحدث اليوم؟، دعنى ألقى نظرة على جدول أعمالنا اليوم..أها نعم تذكرت.. حسن قبل أى شىء، عليكِ أن تتوقفى عن تخيل أن هناك ثمة من يقرأ هرائك الخاص هذا..عليكِ أن تسمو فوق هذه الفكرة، أن تتوقفى عن تشذيب الكلام والتفكير فيم ستكتبيه وفى الطريقة الأفضل لكتابته.. ألستى تمقتين طبيعتك البشرية دومًا؟ آه أنت تفعلينها مجددًا..آه مرة أخرى..دعينا من هذا إذن، لا أرى فائدة منكِ.. أنت تعرف أننى لن أعيش طويلًا.. ...