الأرجوحة وجبال الألب.
تقول إحداهن من زميلات الجامعة معلقةً على ستوري الواتساب خاصتها إن صديقتها -والتي تحتفل بعيد ميلادها اليوم- تشاركها "جنانها" و"هبلها"، وإن كلتيهما تتشاركان "روح طفل صغير" بداخلهما. كتبت كل ذلك تعليقًا على صورة لهما وهما جالستين على أرجوحة، وبدأت أفكر كيف أن تصرفًا طبيعيًا كالجلوس على أرجوحة يمثل للبعض جنونًا و"هبلًا" وشيئًا من روح الطفولة. ثم فكرت قليلًا في كيف أن هذه الفتاة -زميلة الجامعة التي نتحدث عنها- قد تزوجت حالما أنهينا دراستنا منذ عامين، وأنجبت طفلة منذ بضعة أشهر، وربما تغيرت نظرتها للأشياء، فصارت تصنف الأشياء إلى قسمين، قسم الناضجين، وقسم الأطفال، قسم التصرفات التي من شأنها وزوجها وأصدقائها (الكبار) أن يقوموا بها، وقسم التصرفات التي من شأن طفلتها وأطفال أصدقائها (الصغار) أن يقوموا بها. ثم انتقل تفكيري لأصدقائي من أوروبا، وكيف تختلف معايير الـ"جنون" والـ"هبل" فيما بين البلدان، فعلى سبيل المثال، فإن صورة لفتاتين على أرجوحة لا تمثل أي شيء من روح المغامرة والطفولة لليليان (اسم خيالي، أنا لا أعرف واحدةً بهذا الاسم) التي تعيش في نانت-فرنسا وتتسلق جبال الألب كل صيف، أو لروبيرت من هولندا الذي يسافر إلى سوريا والسودان واليمن ليدوّن عن ويأخذ صورًا للأوضاع هناك، لسان حاله يقول: "هئنذا، اخترت التنازل عن كل تلك الامتيازات التي يتمتع بها مواطنو الاتحاد الأوروبي من أجل المواطن الأسمر"، ويجعله ذلك يشعر شعورًا أفضل حيال نفسه. ثم أفكر في سلمى من مصر (اسم عشوائي آخر) التي يمثل لها صعود هضبة المقطم بالسيارة ضربًا من الجنون والمغامرة، أو محمود الذي يرى في تدخين الحشيشة على شاطئ البحر الأحمر في مدينة دهب دليلًا لا يدحض على أنه -خلاص- قد عاش حياته طولًا بعرض.
ثم أفكر في كيف أنني منذ بضعة أشهر كان لديّ ذلك الشعور بأنني أفعل "شيئًا ما بحياتي"، وأنني أذهب إلى "أماكن" حين ذهبت إلى الإسكندرية مع أصدقائي، وحين أصرت أمي على وضع تلك الرحلة تحت تصنيف "السفر"، فكانت تقول: "انتي مسافرة اسكندرية بكرة" وهكذا، في حين أنها رحلة تستغرق بالكاد ثلاث ساعات على الطريق.
أسمعك تقول: "أنتِ ممتلئة بالهراء، إنها مجرد صورة!"، وفي ذلك أنت محق، أنا أفرط في تحليل الأشياء أحيانًا.
تعليقات
إرسال تعليق