مسدسٌ محشو لن يُحررك. (أو هكذا تقول)

المرأة التى ترتدى فستانًا أحمر من القطيفة تطاردنا حول المنزل.. كانت تملك وجهًا يشبه وجه أمى لسبب لا أدريه، أما جسدها فقد كان ممتلئًا ومتسقًا فى الوقت ذاته. 

كانت تطاردنا لسبب ندريه جميعًا فى قرارة أنفسنا، كانت ترغب فى شرب دمائنا بالطبع. لقد مر الوقت، نضجنا ونضجت أجسادنا معنا، وصرنا ثمارًا فى طور القطف الآن. ستشرب دماءنا وتستحم بها لتستعيد شبابها المفقود، كما فعلت طوال القرنين الماضيين. كانت ذئبًا يُطعم ثلاثة حِملان بلهاء فى صبر لسنوات وسنوات.

نسمعها تصيح من خلفنا: "لقد مشيت على الماء ، وركضت فى النار

لا أستطيع أن أشعر بأى شىء بعد الآن.. أحتاج دماءكم"

تسارعت خطواتنا نحو النافذة، إذ بدا أن القفز هو الحل النهائى، إن لم نكن نرغب فى التحول إلى حساء طماطم بالطبع. ولا أدرى بشأنك، ولكنى لم أكن فى مزاج رائق للتحول إلى إكسير شباب لساحرة من القرن التاسع عشر.

نقفز ثلاثتنا.. ثم يظلم العالم من حولنا.. ظلام تام..

ثم يقول أحدهم: "فليكن هناك ضوء".. أنا الآن فى دار الأوبرا.. أرتدى فستانًا أرجوانيًا داكنًا من القطيفة.. تعزف الجوقة مقطوعة لفرانز ليست.. يرتدى الجميع حُلل سهرة وفساتين من القطيفة والدانتيل.

أجلس فى موقع مثالى من المسرح، ليس قريبًا وليس بعيدًا.. أدور بعينيّ فى القاعة، ألمح فستانًا أحمر من القطيفة عند نهاية الممشى، لقد عَثرَت علىّ!

أراها تفتش عنى وسط المقاعد، أعرف أنها تفعل.. تدور عينىّ فى محجريهما بجنون، تبحثان عن وجه مألوف يساعدنى على الهرب والاحتفاظ بدمائى.. 

ألمح شعرًا كشعرك، رأسًا كرأسك، أعرف أنه أنت.. تجلس هناك فى الصف الأمامى..لا أستطيع تبيّن وجهك من هنا، لكنى أعرف أنه أنت.. أمضينا خمس سنوات معًا.. اعتدت أن تكون وجهى المألوف فى قاعة من الغرباء.. ولكن ليس بعد الآن.. مضى وقت طويل..

اعتدنا أن نتشارك أصغر التفاصيل على مدار سنواتنا معًا.. بحق السماء، اعتدت أن أعرف ما تتناوله على الغداء كل يوم، أما الآن فلا أعرف عنك شيئًا، باستثناء أنك تكاد لا تتوقف عن الاستماع إلى فرقة "كل هؤلاء السَحَرة" كما يخبرنى سبوتيفاى.. تلك هى صِلتى الوحيدة بك الآن.. كل هؤلاء السحرة.. 

هكذا هو الأمر إذن، علىّ أن أختار بين أن آتى لأحدثك وأطلب منك المساعدة، وأن أتحول إلى مشروب طاقة لساحرة ترتدى فستانًا أحمر من القطيفة..

 أنتصب من مقعدى فى حسم، أتمتم بالكثير من عبارات الاعتذار كلما خطوت بدون قصد فوق قدمىّ أحدهم فى طريقى إلى خارج صف المقاعد.. أنظر إلى حيث تجلس فى المقدمة وتدير ظهرك لى، وأبتسم ابتسامة ميلودرامية مريرة بركن فمى، كانت لتبدو مثالية فى المشهد النهائى لأحد الأفلام المستقلة.. قبل أن أتأبط ذراعًا بضّة مغطاة بالقطيفة الحمراء فى طريقى إلى الخارج.. 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من القطط والبشر.

مُولي.

شىء ما بالأعلى غاضب الليلة. (2)