If none of us knows the words, then only the melody matters.


القيظ شديد، وقت ما بعد الظهيرة من أحد أيام سبتمبر، أنت مندسّ فى عربة من تلك التى يسمونها "مينى باص"، تعبّ الهواء عبًّا فى جشع، محاولًا الحصول على أكبر قدر غير ملوث منه، وترقب فى رعب إذ تتقاطر حبات بخار الماء الناتج من أنفاس الناس على الزجاج المجاور لك، فى إشارة لمقدار رطوبة لا يبشر بالخير..
كان هذا حين ألقيت ببصرك إلى الطريق عبر الزجاج، لتلمح تلك الشابة رشيقة القد، طويلة القامة..كانت تعقص شعرها البنى المجعد فى ذيل حصان، وتضع قماشة حمراء مزخرفة على مقدمة رأسها، وتستطيع بقليل من الحظ أن تجزم أنها لم تتخط الأربعة والعشرين ربيعًا..كانت تقبض فى يدها على يد شاب فى مثل طولها وعمرها، يرتدى السويت بانتس (لا أحسب "بنطال التعرق" ترجمةً مناسبة، معذرةً) وقد كان يلتصق بها وكأنه يحتمى بها من شىء ما. كانت تقبض بإحكام على يده، يمكنك معرفة ذلك من بروز العروق فى يدها والذى كان بإمكانك أن تدركه من هذه المسافة، وإذ ابتعدا وطفقا يعبرا الطريق، بدأ الفتى يتقهقر نحو الرصيف فى خوف، فشدّت الفتاة على يده وأخذت تهمس فى أذنه ببضعة كلمات، ربما لتطمئنه..
ظل المشهد كالتالى، الفتى مذعور كقطة وليدة، يرفض عبور الطريق، ومن حين لآخر يقول شيئًا ما، فتنحنى الفتاة عليه لتسمع ما يقول، ثم ترد فى تأنٍ ومن ثم تشدّ على يده..
وحين عبرت به الطريق فى النهاية، بدأ الفتى فى إلقاء الكلمات فى الهواء من جديد بلا حساب، فانحنت الفتاة عليه تطلب أن يعيد ما قال على مسامعها من جديد، ففعل..واستمرا على هذه الحال حتى ابتعدا عن مجال البصر..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من القطط والبشر.

مُولي.

شىء ما بالأعلى غاضب الليلة. (2)