المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2018

يقول الإنسان يومئدٍ أين المفر.

ارتدت حافلةً صغيرة فى طريقى للمنزل اليوم وقت الظهيرة..تلك واحدة من المرات القليلة التى أعود فيها إلى شقتى قبل الحادية عشر مساءً.. وإذ أحدق إلى الفراغ أمامى لا ألوىّ على شىء، صعد فتى صغير لا يتعدى العاشرة، ارتقى درجات الحافلة برويّة حِذر أن يتعثر، وهو يحمل بين يديه قصاصات ورقية من خامة رديئة للغاية، مطبوعة عليها آيات من القرآن.. شرع الصغير يلقى بالقصاصات على حجورنا بشكل روتينىّ عارضًا بضاعته..قصاصة لكل واحد..ابتسمت فى باطنى، فهأنذا أجلس فى حافلة، وتستلقى على ساقىّ قصاصة صغيرة مكتوب عليها "سورة الواقعة"..رماها إلىّ فتى صغير فى ظن بائس منه أننى من الممكن أن أبتاعها.. لكنى ولدهشتى أجد أصابعى تمتد إلى القصاصة الخضراء الصغيرة، ولا أفيق إلا وأنا أتصفحها بين يدىّ، أردد بأنفاس متقطعة الآيات التى اعتدت الترنم بها واستذكارها عن ظهر قلب، والبكاء تأثرًا على إثر تلاوتها..تتحرك عيناى فوق السطور من آية لأخرى.. "إذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة، خافضة رافعة، إذا رُجَّت الأرض رجًا، وهُزّت الجبال هزًّا، فكانت هباءً منبثًا" ولا أخفى عليك فقد أثار ذلك فى نفسى شعورًا من الم...

إضاءات. (5)

صورة
لعلك تجد شيئًا من الـrelatibility الأثيرة ها هنا كما وجدت أنا بعضًا منها.. الأمر سهل، ستفتش عن معاناتك الشخصية وسط طيات معاناة الآخرين، بالضبط كما أنفنا الذكر منذ بضعة أيام.. وبالأحرى فإنه ليس علىّ أن أرشدك إلى الوسيلة للقيام بذلك..فنحن نقوم بالبحث عن معاناتنا الشخصية وسط طيات معاناة الآخرين طوال الوقت تقريبًا، لا شعوريًا وبشكل دورىّ..لذا فأظن أنه ما عليك فقط إلا أن تدع بشريتك تقبض على مقوَد السيارة..أعنى..لا تقم بأى شىء..انس ما قلته للتو كأنه لم يكن ولتتصرف على سجيتك..أنت تعرف أفضل.

خمسة وعشرون شيئًا يصب اللافا على رأسه: الثانى.

تستطيع أن تراه..يجلس محدقًا إلى سقف حجرته المرصع بالنجوم البلاستيكية التى تضىء بلون فوسفورى محبب كلما عمّ الظلام..يجلس على حشية فراشه محدقًا إلى السقف، مفكرًا فى أبيه المصاب بالفصام..أسمعك تتساءل من جديد، من هو؟ عمن نتحدث بالضبط؟ أوه، أولم نتفق فى المرة السابقة على تجاهل عنونة الأشياء والأشخاص..ولنتسم ببشريتنا التى تحتم علينا التفتيش عن معاناتنا وسط طيات معاناة الآخرين..ولتبحث عن معاناتك الخاصة فى معاناة صديقنا المأنوف ذكره.. وهذا يحملنا إلى الشىء الثانى على قائمة الخمسة وعشرين شيئًا من تلك الأشياء التى تصب اللافا على أم رأسه: الشىء الثانى يخشى أن ينتهى به الأمر مثل أبيه.. أن تتلاطمه الحياة ويستيقظ ذات يوم ليكتشف أن نشاطه الحركى الوحيد قد انحسر فى التمطى إذ يفيق من نومته..أن يصاب بالفصام والخرف ربما..أن يجلس ساعتين محدقًا إلى أرضية حجرته وما يغطيها من بلاط منقوش، يصنع بمخيلته أشكالًا وأشخاصًا من نقوش هذا البلاط، ويحدّثهم فى الليل حين ينام الجميع..أن يمقته الأقربون له، ويلعنه الغرباء إذ يمر حذائهم..أن يصير ضيفًا غير مرغوب به على جروب الواتساب الذى يجمع زملاء دُفعة كليته..أن ي...

خمسة وعشرون شيئًا يصب اللافا على رأسه: الأول.

هنا؛ حيث تُكتَب توليفة من خمسة وعشرين شيئًا، تبيّن أن كلًا منهم يصب حمم اللافا على رأسه..رأسه؟..من هو؟..أوه لا يهم يا عزيزى، دعنا من عنونة الأشياء والأشخاص..دعنا نقرأ هذه السطور بهدف بشرى بحت؛ وهو أن تبحث عن معاناتك الشخصية فى ثنيات معاناة الآخرين..التنقيب هنا وهناك عما يصطلحون على تسميته بالـrelatibility..كم هى رائعة هذه الrelatibility أينما وُجدت.. ولكن دعنا من الإستطراد الذى صرت أجيده كثيرًا هذه الأيام..ولنستعرض معًا الشىء الأول من الأشياء الخمسة وعشرين التى تبيّن أنها تصب اللافا على رأسه: الشىء الأول يخشى أنه لن يتمكن من المواظبة على كتابة الأشياء التى تصب اللافا على رأسه بانتظام -كما أمره الطبيب-..يخشى أنه سيبدأ بكتابة شىء أو شيئين فى خضم حماسة الأيام الأولى..ثم سرعان ما سيتناسى الأمر برمته كعادته دائمًا..لطالما كان سيئًا فى تكوين العادات والإلتزام بها..لطالما شعر بالسخافة إزاء ما يتوجب عليه فعله بشكل تكرارى..فما يبدأ فيه اليوم، يبدو سخيفًا مبتذلًا مثيرًا للسخرية ومُغالى فيه فى اليوم التالى. مُسبب الفكرة: أرى أن مسبب فكرة مماثلة هو خشية الفشل، أن تخشى الإخفاق إلى درجة أ...

ميه.

من جديد أرزح تحت ثقل الاجتماعيات. هأنذا، فتاة على مشارف الحادية والعشرين، أصبت باكتئاب حاد فى مرحلة ما من مراحل حياتى الماضية، ربما حدث هذا منذ عامين؟ ثلاثة أعوام؟ همم ربما.. اه كما كنت اقول، هأنذا من جديد..فى حجرة واحدة مع أترابى زملاء الجامعة..فتيات وفتيان يمرحن ويمرحون، يغنين ويغنون، يمزحن ويمزحون..عم يمزحون؟ ربما مشهد من هذا الفيلم أو ذاك..دعابة من مسلسل ما..أغانى ريانا ولانا ديل راى تصدح فى الغرفة فتطفو فوق رأسى كسحابة دخان سجائر رديئة..ما أسوأها خلفية للأفكار.. أكاد أشعر بالرجفة تشعل اطرافى كلما اقتربت واحدة من الفتيات منى، أو لو حاولت التحدث عن موضوع غير ذى صلة بمشروع الكلية، أجدنى اتعرق وأرتبك وأبتسم فى بلاهة إذا حدثتنى إحداهن عن كيف أنها تناولت المعكرونة بالماشروم بأحد المطاعم الأسبوع الماضى، وكم أنها كانت لذيذة يسيل لها اللعاب..أو عن كيف أنها فقدت الكثير من الوزن منذ العام الماضى وكم أن هذا أمر تحزن له قبائل الماساى فى أفريقيا وتشيب له المفارق.. أو ربما كان كل هذا عاديًا وانا التى تبحث عن المشاكل هخهه