يقول الإنسان يومئدٍ أين المفر.
ارتدت حافلةً صغيرة فى طريقى للمنزل اليوم وقت الظهيرة..تلك واحدة من المرات القليلة التى أعود فيها إلى شقتى قبل الحادية عشر مساءً.. وإذ أحدق إلى الفراغ أمامى لا ألوىّ على شىء، صعد فتى صغير لا يتعدى العاشرة، ارتقى درجات الحافلة برويّة حِذر أن يتعثر، وهو يحمل بين يديه قصاصات ورقية من خامة رديئة للغاية، مطبوعة عليها آيات من القرآن.. شرع الصغير يلقى بالقصاصات على حجورنا بشكل روتينىّ عارضًا بضاعته..قصاصة لكل واحد..ابتسمت فى باطنى، فهأنذا أجلس فى حافلة، وتستلقى على ساقىّ قصاصة صغيرة مكتوب عليها "سورة الواقعة"..رماها إلىّ فتى صغير فى ظن بائس منه أننى من الممكن أن أبتاعها.. لكنى ولدهشتى أجد أصابعى تمتد إلى القصاصة الخضراء الصغيرة، ولا أفيق إلا وأنا أتصفحها بين يدىّ، أردد بأنفاس متقطعة الآيات التى اعتدت الترنم بها واستذكارها عن ظهر قلب، والبكاء تأثرًا على إثر تلاوتها..تتحرك عيناى فوق السطور من آية لأخرى.. "إذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة، خافضة رافعة، إذا رُجَّت الأرض رجًا، وهُزّت الجبال هزًّا، فكانت هباءً منبثًا" ولا أخفى عليك فقد أثار ذلك فى نفسى شعورًا من الم...