المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2018

حقيقةً لا أعلم ما الذى أعطانى الحق لأعبث بمبادئك، فأبدّل خطأك ليصير صوابًا

أستيقظ شاعرًا بشىء لم يكن هناك حين أخلدت نفسى للنوم..ليلة أمس.. آه ليلة أمس، ترى ماذا حدث ليلة أمس؟ أوه، ها هى عُقدى اللمفاوية جميعًا تنبض ألمًا فى سيمفونية واحدة جديرة بأروقة الأوليمب، أنفاسى حارة كقطار بخارى ينفث أول اكسيد الكربون ليوخز طبقة الأوزون أكثر فأكثر.. و..شىء آخر..لا أستطيع أن أطبق شفتىّ على بعضهما ..ثمة شىء ما يحول بينى وبين ذلك.. أشعر وكأن هناك من وضع منفاخ الدراجة الأسود القديم على شفتى الشفلية..وأخذ يزفر الهواء باستمرار مثل عازف بوق محترف.. أعتقد أنه مجرد التهاب خفيف فى اللثة، ليس انتفاخًا..شفتى ليست منتفخة وأنا أحلم..أنا فى مرحلة ما بعد الحلم، وعيي يتسرب بين اليقظة وبقايا النوم.. أقفز من سريرى وأنظر للمرآة بجانبه، ثم أقفز من مكانى حين أرى انعكاسى.. شفتى السفلية قد انتفخت فى صورة بالون ضخم نصف قطره السنتيمتر والنصف على الأقل..أتساءل، أهكذا كان أبطال جول فيرن يشيدون منطادهم للسفر؟..هل أستطيع أن أحلق فى السماء باستخدام هذا؟ بدلًا من شركات الطيران عديمة الفائدة تلك، مصاصى الدماء والنقود.. عقدى اللمفاوية متورمة ونابضة أيضًا..أكاد أسمع صوت دقات قلبى الغير منتظمة مثل محركات...

الآن تراه.

لم أعد أغضب أو أنزعج  حين يصطدم ذراع أحد ركاب الأتوبيس -بينما يمر فى الطرقة- برأسى فيفسد تسريحة شعرى وتتناثر الخصل فى كل مكان، لم أعد أنزعج.. حين أستمع إلى أصوات الشيوخ تترنم بإسمه فى كل مكان يتصادف أن أكون فيه، وكأنه يلاحقنى، لم أعد أنزعج.. "سيأخذك..وإن حاولت الهرب، فسيطاردك"..كما يقول العزيز سفيان..  حين أستمع إلى سفيان وهو يغنى عن أمجاد الـlord and savior خاصته، لم أعد أنزعج..بل وأشاركه الغناء أحيانًا، بصوت متقطع قصير الأنفاس.. حين أصاب بنوبة أخرى من انقطاع الأنفاس حين تفقد نبضات قلبى انتظامها، لم أعد أنزعج..فقط أنتظر.. وحين أرى اللافتات فى الشوارع لذلك المترشح الآخر، فى محاولة يائسة منهم لإقناعنا أنه لا بأس، فهناك مترشح آخر، لديكم خيار آخر تستطيعون اللجوء إليه..لم أعد أنزعج..فقط أرشف قهوتى بهدوء.. أوه، وحين تنسكب قهوتى على قميصى المفضل، لم أعد أنزعج.. لكن انتظر لحظة، لماذا أمتلك قميصًا مفضلًا؟ ولماذا أبالى كثيرًا بتسريحة شعرى؟  تلك الأشياء الصغيرة التى تبقت لى، تبدو كالوبر فى قماش حريرى ناعم، لماذا يظهر؟ كيف يظهر؟، لماذا ظهر هنا بالذات فى هذه البقعة...

جولدلين يا عزيزتى

يتناول مشرطه الصغير من فوق الطاولة الخشبية العريضة التى تقف وحيدة بشكل مثير للشفقة فى منتصف المطبخ..هل ستندفع ميلى من باب الغرفة الآن وشعرها الأحمر المجعد يتطاير فى كل مكان كأنها فى مشهد مبتذل فى أحد أفلام تارانتينو، لتلكمه فى أسفل معدته وتركل المشرط ليطير فى الهواء، بقدمها المدببة التى صقلتها بسنوات من الجرى وراء أصحاب الدعابات الرخيصة؟.. "أوه ميلى..هل ستتذكرنى بعد خمسة عشر عامًا؟، تمنيت لو سافرت بآلة الزمن لأنقذها ذاك اليوم" لن تأتى ميلى اليوم إذن..لم تأت يومًا منذ خمسة عشر عامًا فى الواقع.. "ماذا نفعل الآن يا مشرطى العزيز ونحن وحدنا؟..أترغب فى قُبلة؟"

فندق اللبن المتعادل

أزحف ببطء نحو نافذتك.. أنادى بنعومة عبر الشارع  دومًا هناك أرملة وحيدة نصف مستيقظة، نائمة على قدمىّ عمّرت على هذه الأرض طويلًا، لكنى لم أحظ يومًا بأى طفل لى لم أحظ بمكالمات فى كابينات الهواتف، لأحدثهم بالمنزل فقط تلفاز أشاهده حين يوغل الليل  فى غرفتى وحيدًا .. لا مغزى من الإنتظار  فلتعرض علىّ بعض الدرجات الخشبية، حتى يتسنى لى تسلقها اعرض علىّ كل لوحاتك  مثل الحكّة فى منتصف الليل دعنى أتمدد وأتمطى فوق سجادك دعنى أستمع لقطرات المطر وهى تطرق أرصفة شارعك  عالمًا أننى فى أمان بالداخل متلحفًا فى الدفء، منسحبًا فى تيار نوم هادئ 

تانك العينان.

آمم لقد عادت إلى التفكير من جديد، بعد أن كادت تجزم أنها حصلت على بعض الحقيقة، أنها على الطريق الصحيح، أنها استطاعت أن تضع خطًا فاصلًا بين بعض الحقيقة وبين القصص التى يسردها الناس على بعضهم للتخفيف من آلام وجودهم، لإقناع أنفسهم أن هناك ما هو أفضل، ينتظرهم فى مكان آخر، فى حياة أخرى عليها ستار أحمر مسدول..أن هناك مغزىً ما وراء كل هذا..مما يعطيهم شعورًا ثمينًا دافئًا بالأهمية.. ظللت أنا أراقبها، من ركن قصى تارة، وتارة من قريب..لكنى أعدك أننى لم أتدخل أبدًا، تركتها لتتبع أفكارها الخاصة، وأكملت أنا بحثى الخاص.. هى لم تكن تؤمن كثيرًا بالمنهاج العلمى، كانت تؤمن أكثر بأن على المرء إتباع قلبه، فإن استطاعت أن تشعر بالشىء يدق أبواب قلبها، إذن فهذا كافِ جدًا بالنسبة إليها لتدرك أن الشىء حقيقى.. وكانت هذه الفكرة تبدو لى فى قمة جبال السذاجة - لو كان لها جبالًا-..كنت أرى أنها فكرة نابعة من بقايا إيمانها القديم..أن عقولنا و"قلوبنا" تم صنعها بواسطة الشىء..وهى كانت تحاول جاهدة أن تفتش عن الشىء فى قلبها..لفكرةٍ فى عقلها أن قلبها المصنوع مصيره إلى إيجاد صانعه.. مما يضعها فى مفارقة بشعة لا تُحسد...

صلبان حمراء على الأبواب الخشبية.

مرحبًا.. لم أر النور فى نهاية النفق بعد.. لقد أخبرونى عما سأجد، انتظرت كما أخبرنى أبى، كما لقننى الأستاذ علىّ فى المدرسة منذ عقود طوال. كانت بداية انتظارى مؤلمة، أدركت حينها أن الزمن كائن يتحرك ويشعر..ويؤذى إذا شاء..آه لقد كنا على خطأ، يا لسذاجتنا..لن يعرفوا أبدًا كم بلغت سذاجتهم..لن يعرفوا أبدًا ولهم فى  ذلك عزاء.  شعرت وكأن الكون بسنواته الطوال ينحشر حشرًا فى حلقومى ويأبى إلا الخروج..حاولت أن أبصقه للخارج..وحين بصقت لم أبصق إلا التراب وبقايا العظام..والنمل الأبيض.. لقد تسللت الأرض إلى كل شىء، صارت الأرض منى وصرت منها.. ومن حينها وأنا أنتظر ها هنا.. أنتظر   سيدى ومنقذى ، أو أنتظر   أطهر البشر  على الإطلاق..أو أنتظر من رمى الملوك بالنبال ، فأرداهم قتلى فى دمائهم.. لم أعد أكترث كثيرًا من سيأتى منهم، فقط أفتقد بعض الصحبة.. أبكى التراب وأكاسيد الكبريت، منتظرًا لحظة احتراقى، لحظة إلتفاف الحيّة حول رفاتى، لحظة انخساف الأرض بى إلى أسفل إلى أسفل، حتى مركز الأرض حيث أقابل جول فيرن هناك، لا ليسرد لى حكاية جديدة، بل ليشاركنى العناء الطويل طول الأبدية..أنتظر من ي...