رِحلتى إلى هيدز.

*********** لطالما حمل المسدس رمزيةً ما فى عقلى..ليست رمزيةً حتمية كالموت مثلًا، كالحرب، كالقتال..ليست رمزية من تلك التى يتحدثون عنها فى صالونات كل أربعاء فى نوادى الفلسفة.. حين كنت فى الخامسة، كان المسدس الوحيد الذى عرفته يومًا هو مسدس أبى؛ الضابط السابق فى الجيش. وقد كان دومًا يصرّ على تسميته بالـ"طبنجة"، فكنت أعانده قائلةً أن هذا مسدس ولا شىء غير المسدس. كان المسدس ضيفًا دائمًا فى المنزل، فى الشارع، فى الزيارات العائلية، فى السيارة حينما كان أبى يأخذنى إلى المدرسة، كان ضيفًا ثقيلًا على أمى وخفيفًا رائعًا مثيرًا للخيال بالنسبة للطفلة التى كنتها. كان أبى والمسدس أخين متلازمين دومًا..وفى أوقات ما بعد الظهيرة، كان أبى ينادينى لأشاهده إذ يُلمّع المعدن الأسود بالزيت، وينظّم صناديق الرصاص..كان يتركنى أحيانًا لأضع الذخيرة بنفسى من دون علم أمى..فقط كان يكتفى بنهيى عن ضغط الزناد. الرصاصات الباردة ذات اللون النحاسى، والمعدن الأسود اللامع، والأدرينالين يفور فى جسدى، والشعور بالتمرد وخرق القوانين، كان كل هذا يسحرنى، أنا فوق كل شىء، فوق القواعد التى وضعتها لى أمى ذاتها. ...