المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2019

رِحلتى إلى هيدز.

صورة
*********** لطالما حمل المسدس رمزيةً ما فى عقلى..ليست رمزيةً حتمية كالموت مثلًا، كالحرب، كالقتال..ليست رمزية من تلك التى يتحدثون عنها فى صالونات كل أربعاء فى نوادى الفلسفة.. حين كنت فى الخامسة، كان المسدس الوحيد الذى عرفته يومًا هو مسدس أبى؛ الضابط السابق فى الجيش. وقد كان دومًا يصرّ على تسميته بالـ"طبنجة"، فكنت أعانده قائلةً أن هذا مسدس ولا شىء غير المسدس.  كان المسدس ضيفًا دائمًا فى المنزل، فى الشارع، فى الزيارات العائلية، فى السيارة حينما كان أبى يأخذنى إلى المدرسة، كان ضيفًا ثقيلًا على أمى وخفيفًا رائعًا مثيرًا للخيال بالنسبة للطفلة التى كنتها. كان أبى والمسدس أخين متلازمين دومًا..وفى أوقات ما بعد الظهيرة، كان أبى ينادينى لأشاهده إذ يُلمّع المعدن الأسود بالزيت، وينظّم صناديق الرصاص..كان يتركنى أحيانًا لأضع الذخيرة بنفسى من دون علم أمى..فقط كان يكتفى بنهيى عن ضغط الزناد. الرصاصات الباردة ذات اللون النحاسى، والمعدن الأسود اللامع، والأدرينالين يفور فى جسدى، والشعور بالتمرد وخرق القوانين، كان كل هذا يسحرنى، أنا فوق كل شىء، فوق القواعد التى وضعتها لى أمى ذاتها. ...

برولوج.

لقد شبّت النيران فى السيارة.. وما من قائد أمام عجلة القيادة بعد الآن.. والمجارير بالأسفل..  تفيض بأجسادٍ لألف شخص قتل نفسه وحيدًا.. وثمة ريح ظلماء تهبّ.. الحكومة؟ إنها فاسدة.. ونحن كنا قد تعاطينا الكثير والكثير من المخدِّرات.. على صوت الراديو، والستائر مُسدلة.. نحن محتجزون بلا مفرّ.. بداخل معدة هذه الآلة السقيمة.. وهذه الآلة تنزف الآن حتى الموت.. الشمس قد سقطت نحو الأسفل.. ولوحات الإعلانات جميعها ترمق كل شىء شذرًا.. والأعلام جميعها ميتة، متدليةً فوق سواريها.. لقد سار الأمر على النهج التالى: فى البدء.. تهاوت البنايات على نفسها.. تشَبَّثَت الأمهات بأطفالهنّ.. بعدئذ اندفعن خلال الأنقاض ليخرجوهم.. جاذبينهم من شعورهم.. لأنها الشىء الوحيد الظاهر للعيان من أسفل الأنقاض.. يبدو خط الأفق جميلًا إذ تشبّ فيه النيران.. وكل المعدن الملفوف حول نفسه من فرط الحرارة..  يتمدد ليرسل طرفًا إلى الأعلى نحو السماء.. كل شىء مُغطّى بمسحةٍ من الضباب البرتقالى الرقيق.. قلت: "اعطنى قُبلة، أنت تملك وجهًا جميلًا،  وهذه  لعَمرى هى آخر أيام الأر...

شىء ما بالأعلى غاضب الليلة. (2)

"لقد ابتعدنا كثيرًا عن المحطة"  بدا على وجهها الوجوم إذ قاطعتنى وأنا فى خضمّ مناقشة حامية لإثبات قدرة الثعابين على التنبؤ بحدوث الزلازل، وكيف أن علماء الجيلوجيا الحمقى لا يستغلون ظاهرة طبيعية رائعة كهذه ..  "أوه، هل كنتِ تنتظرين أحدهم هناك؟" "نعم، صديق لى، أراهن أنه يقف هناك الآن بانتظارى، ولا أظنه قد أحضر معطف المطر خاصته .. يبدو لى أن السماء لا تنوى أن تحنو علينا الليلة" نظرنا إلى السماء الرمادية، وبقايا دفقات الضوء الأرجوانية الباهتة التى ترسلها الشمس الغاربة فى يأس، فلا تفلح إلا فى أن تجعل المشهد أكثر بعثًا على التوجّس . .  " ليتكِ تغربين فأنتِ لا تزيدين الوضع إلا سوءًا" "معذرةً؟" "الشمس .. كرة النار الحمقاء التى تدور فى مركز الأشياء تلك" "آآهاه" عدنا أدراجنا إلى رصيف محطة المترو، بعد دقائق من السير المتعرج الصامت .. بدأ تأثير الكحول ينحسر ببطء من خلاياى، وأكاد أشعر بمنسوب الدوبامين وهو ينخفض تدريجيًا .. لأعود لصوابى وأبدأ فى التساؤل: - من هذه الفتاة التى تسير بجانبى بحق الجحيم؟ ولماذا ذهبت لأ...