المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2022

اليوم 176 منذ إصابتي بكوفيد طويل الأمد.

صورة
  فشل القلب الانبساطي من الدرجة الثالثة. كررها من فضلك، لكن ببطء.  فشل.. القلب.. الانبساطي.. من.. الدرجة.. الثالثة. لا أستطيع سماعك جيدًا بسبب صوت ضربات قلبي الذي تهتز له طبلتا أذنيّ. هل أنت متأكد؟ متأكد تمامًا؟ نعم، تبدو لي نتائج الجهاز دقيقة فعلًا. حسنًا، هذا يتركنا إذن مع حقيقة أن لديّ فشل القلب الانبساطي.. آه، من الدرجة الثالثة.. صحيح. وكم درجة هنالك؟ أربعة؟ همم، تريد أن تقول إذن إنني على شفا الدرجة الرابعة التي لا رجعة منها؟ نعم، أفهم ما تعنيه، لا لا، لا تتأسف من فضلك، ولا تشفق عليّ. فقط عِدني أن ينتهي كل ذلك سريعًا.

اليوم 167 منذ إصابتي بكوفيد طويل الأمد.

صورة
لطالما مثّل لي الموت -كما ينبغي له- أزمة وجودية. أرى أن الموت يجب أن يمثّل لكل من يملك عقلًا بشريًا أزمة من نوع ما. أذكر حين كنت في السابعة، أجلس في السرير الساعة الثانية بعد منتصف الليل، أحدّق في جسد شقيقتي النائم بجواري، ويخبرني الصوت في رأسي: "لقد ماتت! إنها ميتة!"، فأبدأ في الهلع، وأتخيل أن جسدها ساكن، وأن صدرها لا يتحرك مع كل شهيق وزفير، ثم أبدأ في هزّها لتستيقظ. أردد: "إيمان، إيمان، اصحي".  ولأن شقيقتي عنيدة -وأيضًا عميقة النوم- فقد كانت تأبى الاستجابة لكل نداءاتي وتوسلاتي لها بأن تستيقظ، فأبدأ حينها في البكاء، وتصديق أنها قد ماتت لا محالة، وأبدأ في التفكير في معضلة إخبار أمي وأبي بخبر وفاتها في الصباح. أعرف أن كثيرًا من الأطفال مروا بذات الموقف، الأطفال ميلودراميون كما تعرف. ولكن، في الحقيقة، لم يتغير شيء للآن وأنا في الرابعة والعشرين. لا زال ذلك الهاجس يؤرقني، أعني، أرى أن كل كائن حي واعٍ بوجوده يجب أن يُقَضّ مضجعه كل ليلة بهذا الموضوع، إلا إذا كنت تُجيد تشتيت نفسك عن تلك الحقيقة، ربما بالتصديق في وجود أحد الآلهة، أو بممارسة اليوجا، أو بشرب الكحول بكميات غير...

اليوم 162 منذ إصابتي بكوفيد طويل الأمد.

اليوم أكره كل شيء وكل شخص. عليّ الاستيقاظ باكرًا للحاق بالعمل، قلبي يقفز داخل صدري ب شكل زائد عن المعتاد اليوم. أكره هاتفي البطيء جدًا، أكره وجهي في المرآة، وتلك الانتفاخات تحت عيني، أكره ارتداء كمامتين فوق بعضهما البعض، أكره نظارتي التي تنزلق من فوق أنفي كل نصف دقيقة لتقع على الأرض، أكره حقيقة أن أمي لم تزل لها يدًا في قراراتي، أكره ذلك المرض وذلك الجسد الواهن، أكره تلك الآلام في ذراعي الأيسر ورقبتي، أكره قلبي بكل ما أوتيت من قوة، أمقت هذا البلد، هؤلاء الناس. أكره حتى قصة شعري، شعري الطويل كان بمثابة ميزتي المرئية الوحيدة، والآن وقد تخلصت منه، أشعر أنني فتى في التاسعة من عمره، وفقداني المستمر للوزن لا يحسن من هذا الوضع أيضًا.  أود أن أضع وجهي بين راحتيّ، فتتدحرج عيناي خارج محجريهما، فأدلكهما قليلا، ثم ألقي بهما في القمامة.  أكره عينيّ. كنت أقول إنني أكره هذا البلد منذ قليل، وأظن أن آلهة العالم السفلي التي تتحكم في هذه البقعة الجغرافية قد سمعتني، فلوّح أنوبيس بصولجانه غاضبًا، ليغلق الطريق المتجه إلى أكتوبر من الهرم (الطريق الصحراوي) بزحام من ذلك الذي يتحول فيه الشارع إلى جراج ...

اليوم 159 منذ إصابتي بكوفيد طويل الأمد.

صورة
  لا أدري لِمَ على المرء دومًا إيجاد جانب ايجابي في كل شيء. أمقت تلك الطريقة في النظر للأشياء، على منهاج: لقد كسرت ذراعي، لكن على الأقل حظيت بتجربة جديدة لم أجربها من قبل. لقد خسرت عملي، لكن على الأقل زوجتي تحبني. أحتاج لإجراء عملية في القلب، لكن على الأقل الشمس جميلة اليوم. لِمَ لابد دومًا أن تكون هناك "لكن"؟ لِمَ لا نأخذ الأمور كما هي؟ لِمَ لابد من نثر الجليتر على الأشياء غير السارة؟ حتى لا نجن؟ هل نحن هشون إلى هذه الدرجة؟ أو في الحقيقة، ربما لا نقول ذلك من أجلنا نحن، بل من أجل من نعيش معهم في مجتمعاتنا الصغيرة. الناس ينتظرون دومًا الجزء المضحك من النكتة، الپانش-لاين في نهاية أي حديث قصير أو طويل يتبادلونه فيما بينهم، شيء يضع ابتسامة على وجوههم في بداية اليوم بعد تناول القهوة مثلًا، أو ذلك الذي سيجعلهم يشعرون أن كل شيء في عالمهم على ما يرام.  أنا لا أريد نثر قصاصات الورق الملون على ظروف حياتي الحالية. الوضع مزر، هذه حقيقة، ولن أضيع الاكسجين في محاولات لتجميل ما يحدث، أو البحث عن الجانب الإيجابي في كل ذلك، حتى لا يشعر الناس بالاحباط من التواجد حولي. "أنا مريضة جدا"...