المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2021

في أحد تلك الأيام. (1)

  استيقظت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بلا سبب. لاحظت أنني لا أشعر بدقات قلبي، وهو حدث نادر إن أردت رأيي. أستغل الأوقات التي لا أشعر فيها بقلبي في الاستلقاء على السرير والاستمتاع بذلك الشعور، شعور أن يكون جسدك ثابتًا، لا يهتز مع كل نبضة قلب. أفكر في تلك العربة التي رأيتها اليوم في طريقي إلى المنزل، كان مكتوبًا على زجاجها الخلفي "إغاثة"، لكنني ظننت في بادئ الأمر أن حرف الغين ما هو إلا جيمًا غير معطشة، فقرأت المكتوب "أجاثة"، فكان أول ما جاء في بالي هو أن سائق العربة لابد أن له ابنة اسمها "أجاثا" وقد كتب اسمها على سيارته، مثلما يفعل سائقو الميكروباصات والتكاتك، فيكتبون أبا أحمد وأبا فرحة وما شابه.  أفكر أيضًا في حبكة القصة القصيرة التي أريد كتابتها، والتي نزلت عليَّ من اللا مكان عندما كنت في طريقي إلى عيادة أمراض القلب لإجراء رسم قلب للمرة العاشرة. تتحدث القصة باختصار عن فتاة تعاني من ضربات قلب سريعة وقوية (هل يبدو هذا مألوفًا؟)، فتذهب باستمرار إلى الأطباء الذين يصرون على أنها لا تعاني من مرض في القلب، وأن كل ذلك ما هو إلا نوبات فزع حادة.. وفي أحد تلك الأيا...

لا أدري. (2)

أرتدي قميصي الأحمر قصير الأكمام الذي طبعت عليه صورة غلاف ألبوم كانييه ويست الشهير: (الفانتازيا الجميلة المظلمة الملتوية خاصتي).. وهو غلاف أحمر بالكامل، وفي منتصفه صورة في إطار مربع مرسومة بألوان الزيت لراقصة باليه لها شارب بني (نعم، راقصة باليه بشارب، لقد سمعتني) ترتدي فستانًا قصيرًا باللون الأسود، وتمسك في يدها بكأس من النبيذ الأحمر، ووسط كل هذا تنظر إلينا في اندهاش بفم مفتوح. أهاتف صديقي الذي من المفترض أن يذهب معي إلى المكتبة لنعيد الكتب التي استعرناها منذ ما يقرب من شهرين، لكنه لا يرد، يبدو أنه يتناول المثلجات مع وحيدي القرن في العالم الموجود في نهايات أقواس قزح الآن. أتصل مرتين وأبعث رسائل نصية على واتساب، ثم أيأس فأفتح اللابتوب لأكتب هنا قليلًا كما ترى.  لم أنم منذ ما يقرب من اليومين. أعني أنني نمت ثلاث ساعات أو ما يقرب من ذلك، تفهم ما أعني. لا أستطيع النوم من ضربات قلبي الشديدة.. كاثومب..كاثومب.. كاثومب.. تتردد في كل جسمي، يهتز صدري مع كل دقة، أشعر بالدقات في ساقيّ، في رأسي، في عنقي وفي ظهري. ثم يبدأ شعور آخر ينتابني، لا أقدر على وصفه إلا بأنه يبدو كما لو أن قلبي سوف يتوقف. ...

لا أدري..

  أفكر منذ الأمس في زينب، زميلتي في المدرسة التي توفت في السابعة عشر من عمرها بالسرطان. أفكر في كل الأشياء التي لم يتسن لها القيام بها. أتذكر وجهها الصغير وصوتها الهادئ. أحاول تخيل لحظاتها الأخيرة، تساعدني في ذلك رواية أمها. حين ذهبت لزيارة أمها بعد الوفاة، قالت إن زينب ماتت في المنزل على سريرها، وأن الورم كان قد بلغ من الحجم بقدر ما جعله يخرج من بطنها، وأن شعرها كان متشابكًا ملبدًا قبل موتها، وأنها تمنت أن يفك الرب هذا التشابك بعد موتها بمعجزة من معجزاته، لكنه لم يفعل، ظل شعرها ملبدًا كما هو. ربما لو كان الرب قد حل تشابك شعرها بعد موتها، لشعرت الأم ببعض العزاء، كما لو أن الرب يعزيها ويخبرها إن ابنتها في مكان أفضل بجواره، وأنه ليس عليها أن تقلق بعد الآن. لكنه لم يفعل. ذهبت زينب إلى القبر بشعر ملبد، ووجه متعب، وسبعة عشر ربيعًا.