المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2021

في أحد تلك الأيام. (3)

  الخميس، السادس عشر من ديسمبر. أقف على شارع الهرم عند المحولات أطلق السباب واللعنات بصوت خفيض وأنا أقرأ تلك الرسالة على هاتفي: "للأسف اتحركنا من المحولات خلاص". لقد فاتني باص الشركة للمرة.. الخامسة؟ أخبرتهم أنني سألحق بهم عند سينما رادوبيس. أحشر نفسي في سيارة الأجرة بالنفر تلك، يبدو السائق في أوائل الستينات من عمره أو شيء كهذا، لم أكن جيدة أبدًا في تقدير أعمار الناس. يبدي استياءه من إغلاق شارع الهرم، ويبدو أنه كان يعيش تحت صخرة كل هذا الوقت، لأنه يقول إنه لم يعرف بأن شارع الهرم مغلق حتى اليوم، "ده بقاله كده شهر ولا حاجة يا حاج"، يقول أحد الركاب. يفتح الرجل المذياع، تأتينا أصوات يتخللها التشويش الاستاتيكي، يتنقل بين القنوات حتى يصل لواحدة تذيع أغنية إنجليزية رديئة بصوت فتاة يذكرك ببريتني سبيرز في عصر ما قبل 2008، ولابد أنه فكر في نفسه: "هممم هذا مثالي". أصل للشركة في الثامنة إلا عشر دقائق، أبدأ على الفور في ترجمة كتاب علم النفس للصف الثالث الثانوي إلى الإنجليزية، الكتاب مكتوب بلغة رديئة بدائية للغاية، ويموج بأخطاء أسلوبية ولغوية تبعث على الضحك. أستمع إلى ل...

مقتضب. (1)

  يقول محمد -الأوفيس بوي ذو الملامح الأسيوية- إن البن الخاص به "خفيف" للغاية، على الرغم من أنه داكن اللون ورائحته نفاذة. يقول: "البن ده بيعمل دماغ كده، بس مش بيفوّق، باشربه لما أبقي عايز أعمل دماغ مع سيجارة، يا سلاااام، بس مش هايفوّقك برضو لأ." أومئ برأسي في حماس وكأني أفهم بالضبط ما يتحدث عنه، لكني لم أفهم بالتحديد كيف لنوع من البن أن يصيبيك بـ "دماغ" فقط من دون أن يجعلك تفيق ولو قليلًا، وكأنه بن منافٍ لأعراف الطبيعة، لكني أخبره بحمية: "أيوه أيوه فاهمة قصدك" على أية حال.

في أحد تلك الأيام. (2)

  ذهبت أول أمس لزفاف صديقة قديمة من المدرسة تُدعى رنا. لم نكن صديقتين مقربتين كما قد يبدو لك، لكنها دعتني على أية حال، وقد تأثرت كثيرًا لذلك، فهي لم تدع من أصدقاء المدرسة إلا عددًا يُعد على أصابع اليد. ارتديت الكنزة الوردية والتنورة الكاروهات البنية القصيرة، ومررت بسيارة الأجرة على لُطفي لنذهب معًا إلى مكان الدعوى على كورنيش المعادي.  دخنت بعض سجائر التوت مع إحدى صديقات لطفي، وتُدعى نادين. أظهرت حضوري للعروسين في صورة مصافحة للعريس وعناق طويل للعروس، ثم أخذت مكاني في صفوف المقاعد، ورُحت أمسد بيديّ على ذراعيّ وكتفيّ وكأني أعانق جسدي، وهي حركة لا إرادية أقوم بها لتهدئة نفسي حين أكون في مواقف اجتماعية حرجة. بدأ الجميع في الرقص على الأغاني السوقية المعتادة، وبقيت أنا في مقعدي أتقلص داخليًا.  بالأمس قمت بتأدية أغنيتين في حفل الكريسماس الذي أقامته مدرسة الموسيقى التي أدرس بها. لم ترتعش ساقيّ أو تتحولا لعوديّ معكرونة إسباجيتي كما اعتادتا من قبل عندما أقف أمام جمهور من الناس، وهي علامة جيدة إن أردت رأيي. لا أنفك أفكر فيما حدث مع يوهانس. الكثير من الدراما مع حبيبته السابقة أصابته ...