المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2019

أقطاب.

أخبرنى الطبيب النفسى ذات مرة أننا -نحن ولا أحد آخر- مَن نصنع مشاعرنا الخاصة، وهو أمر بديهى بحت، لكننا لا نلبث أن ننسى فننجرف مع التيار. هو رأى سبقه إليه كهنة التبت والإخوة البوذيون فى تصورهم عن قدرة الإنسان على التحكم فى ألمه الجسدى، فى تجاهل عويل الألياف العصبية إثر اصطدام إصبع قدمه الأصغر بقاعدة الكومود.. ما تجربة الشعور إلا إيحاء آخر، محاكاة أخرى لشىء آخر خفى لا ندرى كنهه. فإن امتلكت وعيًا كافيًا لتمكنت من رؤية الأمور بمنظور عين الطائر، لأدركت مدى سخافة الأمر بأكمله، ولاستطعت الامساك بالعصىّ الخشبية المتصلة بخيوط التحريك. أو ربما حينئذٍ سوف يتم تشخيصك بالdissociation، فتذهب إلى ذات الطبيب الذى اعتدت أنا الذهاب إليه، فيخبرك أمورًا أخرى غير تلك التى أخبرنى بها، ربما هى فقط أى شىء سوف تحب سماعه.

ثرثرة مسائية. (ربما هى الميدتيرمز..بالتأكيد هى الميدتيرمز)

فى مقابل كل الجهد الذى أضعه فى محاولة الهرب من "الهروب"، أدرك شيئا فشيئا كيف أن فكرة الهروب برمتها قد تسللت إلى حياتى اليومية من جديد، بطريقة خفية وماكرة استطاعت أن تهدم دفاعاتى من جديد، متسللة بداخل حصان خشبى مكتوب عليه بخط times new roman : "غريزة بقاء". من يملك أن يقاوم غريزة البقاء؟ فلتخفضوا رماحكم ولتفتحوا البوابة، فأنا بشرية أخرى. يقول أحدهم أنه كلما زاد وعيك الذاتى -معرفتك بالشخص الذى أنت عليه- كلما صارت طريقتك فى منطقة الأشياء أكثر مكرا، مفردات كالشر والخير -مثلا- تفقد معناها. تفقد الكلمات دلالاتها، ومن ثم يتحول الهروب إلى غريزة بقاء. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، هيه لا أظنه يتوقف ابدا. لعل الapathy هى المفتاح؟ بففت لا، لكنى -رغم أنفى- لم أزل أنتهجها على أية حال، فهى تطفئ جميع رادارات الشعور خاصتى، بدلا من أن تتركني لأعانى كما أستحق، وفى أغلب الأحيان أستحق.  مما يفسر افتقارى إلى القدرة على التعبير، أو على أخذ أى تصرف كان فى سبيل ما قد أرغب فيه. الapathy أقوى من كل نبضة كهربائية ترسلها إلى مخك لكى يقوم بالأشياء. نعم، أشعر بالوحدة. كان بإمكانى قولها فى...

المُحاكمة.

اليوم نظرت إلى جسدى فى المرآة للمرة الأولى منذ بضعة شهور لأدرك أننى نحيفة للغاية..ووه..ماذا جدّ؟ لطالما كنت نحيفة للغاية..أعنى لطالما كنت كذلك منذ بدأت فى الانسياق وراء اضطراباتى الغذائية.. ماذا أيها الاضطراب؟ فلنجوّع أنفسنا حتى تبدأ غشاوة من الضباب فى تغطية أعيننا؟ يبدو رائعًا! ماذا أيضًا؟ ذلك الطعام كان أكثر من اللازم؟ نعم أظن ذلك أيضًا، أشعر وكأننى ابتلعت سُمَّ فئران..بالطبع، فلنذهب ونتقيأه إذن..عين الصواب! دعنى أؤكد لك أننى لو نظرت إلى ذاك الجسد منذ بضعة شهور، لاستطعت أن أستخرج لك عشرين موضعًا لتواجد الدهون الزائدة -أو هكذا سوف يصور لى عقلى-.. أما الآن فحقيقةً لا أرى أمامى سوى كتلة من العظام..أتمدد بجذعى وأرفع ذراعىّ فوق رأسى لتبرز ضلوع قفصى الصدرى بوضوح فى المرآة..ضلع فوق ضلع فوق ضلع..أمرر أصابعى فوقها.. كم أحب ملمس تلك الضلوع المتتابعة المصفوفة بعضها فوق البعض.. تذكرنى ضلوعى البارزة بذلك المشهد الشهير من فيلم The Machinist، حين يخرج كريستيان بيل من دورة المياه بمنزل حبيبته التى ضاجعها الليلة السابقة، ليمدد ذراعيه فوق رأسه متمطيًا، فيصنع مشهدًا كابوسيًا بجسده إذ تبرز ضلوع ص...